التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين 26}

صفحة 296 - الجزء 1

  · الإعراب: يقال: كم وجهًا يجوز في قوله: «مَّا بَعُوضَةً»؟

  قلنا: ثلاثة أوجه:

  الأول: أنه صلة، وتقديره: مثلاً بعوضة فَمَا فوقها.

  الثاني: أن يكون نكرة مفسرة بالبعوضة، كما يكون نكرة موصوفة، في قولك:

  مررت بما هو خير منك.

  الثالث: أن يكون بمعنى (الذي)، كأنك قلت: الذي هو بعوضة، والاختيار أنه صلة عند البصريين، وأجازه الكسائي والفراء وثعلب.

  ويقال: كم وجهًا في نصب (بعوضة) ورفعها؟

  قلنا: يجوز النصب من ثلاثة أوجه:

  الأول: المفعول الثاني من يضرب عند البصريين.

  الثاني: أن يكون معرفة بتعريف (ما) كما قال حسان:

  وَكَفَى بِنَا فَضْلاً عَلَى مَنْ غَيْرِنَا ... حب النَّبِي مُحَمَّدٍ إِيَّانَا

  واختار هذا الوجه ثعلب والزجاج، وعلى هذا يجعل (ما) اسمًا تامًّا، وينصب (بعوضة) بنصبها.

  الثالث: أجازه الكوفيون، وهو النصب على إسقاط الخافض، كأنه قيل: ما مِنْ بعوضة فما فوقها.

  فأما رفع (بعوضة) فيجوز من وجهين:

  أحدهما: أن يكون خبر لـ (هو) في صلة (ما)، كأنه قيل: الذي هو بعوضة.

  والثاني: على الجواب، كأنه قيل: إن اللَّه لا يستحي أن يضرب مثلا، فقيل: ما هو؟ فقيل: بعوضة فما فوقها، كما يقال: مررت برجلٍ زيدٌ، أي هو زيد، و (ما) ههنا يجوز أن تكون كافة للفعل، فيستأنف الكلام بعدها، وهو على معنى المفعول.