التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين 26}

صفحة 297 - الجزء 1

  ويقال: لم دخلت الفاء في قوله: «فَيَعْلَمُونَ»؟

  قلنا: لأنها جعلت جوابًا لما فيها من معنى الجزاء، كأنك إذا قلت: أما زيد فهو قائم، فتقديره مهما يكن من شيء فهو قائم.

  ويقال: كيف جواب «مَاذَا أَرَادَ اللَّه بِهَذَا مَثَلاً»؟

  قلنا: فيه وجهان، وذكرهما سيبويه والأخفش:

  أحدهما: أن تجعل (ما) و (ذا) بمنزلة اسم واحد، فيكون جوابه نصبًا.

  والثاني: أن يكون (ذا) بمعنى (الذي) فيكون الجواب رفعًا، وجاء القرآن بالتقديرين جميعًا في: {مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا} وفي موضع آخر: {قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} فالنصب كأنه قيل: أي شيء أنزل ربكم؟ وعلى الرفع: أيّ شيء الذي أنزل ربكم؟

  ويقال: بم انتصب «مَثَلاً»؟

  قلنا: قال ثعلب: بأنه قطع، وقيل: انتصب بأنه تفسير، وقيل: بأنه حال.

  · النزول: قيل: لما ضرب اللَّه تعالى المثلين للمنافقين، قالوا: اللَّه أجل من أن يضرب هذه الأمثال، فنزلت هذه الآية، عن ابن عباس وابن مسعود.

  وقيل: لما ضرب اللَّه المثل بالذباب والعنكبوت تكلم قوم من المشركين، وعابوا ذكره، فأنزل اللَّه هذه الآية، عن الحسن وقتادة.

  · النظم: يقال: كيف تتصل هذه الآية بما قبلها في ذكر المثل؟

  قلنا: على ما روينا عن ابن عباس ¥ وابن مسعود: تتصل بما قبلها