التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل ياأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون 98 قل ياأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون 99}

صفحة 1255 - الجزء 2

  وقيل: أنتم تعملون وهو مشاهد لأعمالكم مطلع عليكم مع قيام الحجة عليكم وهو تحذير لهم وتخويف، عن أبي على «يَا أَهْلَ الْكِتَاب لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه مَنْ آمَنَ» أي لم تمنعون الناس عن دين الإسلام الذي هو سبيل اللَّه ودينه؟، وقيل: صدهم بالإغراء بين الأوس والخزرج، بتذكيرهم الحروب التي كانت بينهم في الجاهلية حتى ينسلخوا من الدين بالمعصية وحمية الجاهلية، وذلك في اليهود خاصة، عن زيد بن أسلم، وقد روي أن الأنصار كانوا قعودًا في المسجد يتكلمون وقد ألف اللَّه بين قلوبهم، فمر بهم بعض اليهود وذكرهم ما كان من الحروب حتى كاد يقع شر، وقيل: بتكذيب النبي ÷ وأن صفته ليست في كتابهم، وهي في اليهود والنصارى، عن الحسن، وقيل: بالتحريف والبهت، عن الأصم «تَبْغُونَهَا عِوَجًا» أي تطلبون للنبي والمؤمن عوجًا وميلاً عن الاستقامة، وقيل: تريدون أن يكون في هذه السبيل عوج أي عدول عما أمرْ اللَّه به «وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ» قيل: شهداء على صفة النبي ÷ ودينه أنه الحق، وأن دينه دين إبراهيم وهو الإسلام، قرأتم ذلك في كتابكم، عن أبي علي وأبي مسلم وجماعة، وقيل: وأنتم شهداء أي تشهدون معجزات محمد ÷ ولا تؤمنون بها، وقيل: وأنتم شهداء على ما يلزمكم بالكتمان والصد عن دين اللَّه، وقيل: وأنتم شهداء على بطلان صدكم، فيجوز أن يكون في أهل العناد منهم، ويجوز أن يكون في الجميع لإقرارهم؛ لأنه لا يجوز الصد عن سبيل اللَّه، وقيل: «وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ» أي عقلاء، كقوله: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} «وَمَا اللَّه بِغافلٍ عما تَعْمَلُونَ» من الصد والكتمان والتحريف سيجازيكم عليها.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في اليهود، وقيل: في اليهود والنصارى على ما بينَا.

  · الأحكام: تدل الآية على قبح الصد عن سبيل اللَّه، وذلك يكون بأحد شيئين، بالدعاء إلى خلافه، أو بإلقاء الشبه عليه.

  وتدل على عظم إثم من فعل ذلك، لما يتضمنه من عظيم الضرر بوجوب العقاب، وفوت الثواب والاقتداء به، فلذلك خصه بالذكر.