التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون 104 ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم 105 يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون 106}

صفحة 1264 - الجزء 2

  وثاب بكسر التاء فيهما، وهي لغة تميم، وعن الزهري (تبياض وتسواد)، أما الأولى: فهي لغة الحجاز، وعليه الأئمة، ولا يجوز القراءة إلا به، وأما الثانية: فبنو تميم يفعلون ذلك، فيكسرون التاء فيما كان من باب فَعِلَ يَفْعَلُ نحو: عَلِمَ يَعَلْمُ، ويقولون: تِجْهَلُ، ولا يفعلون في باب فَعَلَ يَفْعِلُ نحو: ضرب يَضْرِبُ، لا يقولون: تِضْرِبُ؛ لأن الحرف الثالث فيه مكسور، فلا يكسرون أوله، فأما الثالثة فهو باب يكون فيه افْعَلَّ وافْعَالَّ، نحو: احمر واحمار، وابيض وابياض، واسود واسواد.

  · اللغة: أصل الأمُّة القصد، ثم يستعمل على وجوه: منها الجماعة، ومنها القامة والاستقامة، ومنها القدوة، يقال: أَمَّهُ يَؤُمُّهُ أمًّا إذا قصده، والجماعة: أمة؛ لاجتماعها على مقصد واحد.

  والإنكار: إظهار كراهة. الشيء لما فيه من الفساد، ونقيضه الإقرار. والمنكر القبيح؛ لأن العقل ينكره.

  والفلاح: الفوز والبقاء.

  والبياض والسواد لونان معروفان، وأصلهما تَبْيَضْضُ وتَسْوَدْدُ أدغم إحدى الضادين في الأخرى، وقيل: اللونُ الخالصُ السوادُ والبياضُ فقط، وقيل: بل خمسة: الخضرة والصفرة والحمرة، وهما عرضان يختصان المحل.

  · الإعراب: يقال: لم سكنت لام الأمر مع الواو، ولم تسكن لام الإضافة؟

  قلنا: لأن تسكين لام الأمر يؤذن بعملها أنه الجزم، وليس كذلك لام الإضافة، وإنما قال: «يَدْعُونَ» والأمة مؤنثة؛ لأن الأمة في المعنى قوم، كأنه قيل: وليكن منكم قوم.

  والعامل في قوله: «يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ» قيل: (عظيم) تقديره: عظيم عذابهم يوم تبيض، وقيل: الجملة: ولَهُمْ عَذَاب عَظِيمٌ، يَوْمَ تَبْيَضّ، كقولهم: المال لزيد يوم الجمعة.