التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون 106 وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون 107}

صفحة 1268 - الجزء 2

  · اللغة: الذَّوْقُ: إدراك المذوق بحاسة الفم، كما أن الشم إدراك المشموم بحاسة الأنف؛ ولذلك لا يجوز أن يقال: إنه تعالى يذوق ويشم؛ لأن اللَّه تعالى يدرك لا بحاسة، فهو يدرك المشموم والمذوق والملموس لا بحاسة.

  · الإعراب: جواب «فأما» محذوف، وتقديره: يقال لهم، وإنما جاز حذفه؛ لأن الكلام يدل عليه، وقد حذف القول في آي كثيرة في القرآن لدلالة الباقي عليه، منها: قوله: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا} أي: ويقولون ربنا، ونظائره كثيرة.

  · القراءة: قرأ بعضهم: «العذاب بما» بالبيان، وبعضهم بالإدغام، فأما البيان فهو أحسن؛ لأنهما حرفان متحركان منفضلان من كلمتين، ومن يدغم فيسكن ويدغم؛ لأن قبل الباء ألف وهي من حروف المد واللين.

  · المعنى: لما تقدم اختلاف ألوان القوم يوم القيامة، فصّل ذلك فقال تعالى: «فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ» يقال لهم: «أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ» فيه ستة أقوال:

  الأول: الَّذِينَ كفروا بعد إظهار الإيمان بالنفاق، عن الحسن.

  الثاني: كفروا بعد الإيمان بالارتداد، عن قتادة.

  الثالث: جميع الكفار لإعراضهم عما وجب عليهم الإقرار به من التوحيد حتى أشهدهم على أنفسهم عن أُبَيٍّ بن كعب.

  الرابع: هم أهل الكتاب كفروا بالنبي ÷ بعد إيمانهم به أي بنعته وصفته قبل مبعثه، عن عكرمة والأصم وأبي علي والزجاج.