التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون 106 وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون 107}

صفحة 1269 - الجزء 2

  والخامس: هم أهل البدع والأهواء من هذه الأمة، عن علي، ومثله عن قتادة، وروي عن النبي ÷ أنه قال: «والذي نفسي بيده ليردن عليَّ الحوض ممن صحبني أقوام حتى إذا رأيتهم قلت: يارب أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: بُعْدًا لهم وسُحْقًا».

  السادس: هم الخوارج، عن أبي أمامة، وروي عن رسول اللَّه ÷ «أنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من كبد الرمية»، والأصح أنهم المرتدون؛ لأنه الظاهر.

  والألف في قوله: «أَكَفَرْتُمْ» أصله ألف استفهام، وقيل: المراد به الإنكار والتقريع، أي لم فعلتم ذلك؟، وقيل: المراد به التقرير، أي قد كفرتم «فَذُوقُوا الْعَذَابَ» الذوق ههنا توسع، ومعنى الكلام: انظروا ما صار إليه عاقبتكم من عذاب اللَّه تعالى لمخالفة أمره ونهيه «بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ» أي: جزاء على كفركم، وقيل: ذوقوا عقوبة كفركم «وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ». وهم المؤمنون «فَفِي رَحْمَةِ اللَّه» قيل: في نعمه عن الأصم وأبي علي، وقيل: في جنته، عن أبي مسلم، وقيل: في رضاه «خَالِدُونَ» أي دائمون.

  · الأحكام: تدل الآية على أن المؤمن والكافر يتميز يوم القيامة بألوانهم وعلاماتهم.

  وتدل على أن ذلك لطف للمكلفين؛ لأنه إذا تصور ذلك كان أقرب إلى الطاعة.

  وتدل على دوام الثواب، فيبطل قول جهم، وتدل أن العقوبة جزاء على أعمالهم، فيبطل مذهب الجبر في جزاء الأعمال.

  وتدل على أن الإيمان والكفر فعلهم، لذلك وبَّخهم به، فيبطل قولهم في المخلوق.

  ومتى قيل: الآية تدل على نفي المنزلة بين المنزلتين؛ لأن فيه إثبات مؤمن يبيض وجهه، وكافر يسود وجهه؟

  قلنا: عنه أجوبة: