التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون 111 ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون 112}

صفحة 1275 - الجزء 2

  قيل: العامل فيه (ضربت)، وتقديره: ضربت عليهم الذلة بكل حال إلا بحبل من اللَّه.

  الثاني: بمحذوف تقديره: إلا أن يعتصموا بحبل من اللَّه، عن الفراء.

  والاستثناء في قوله: «إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّه» فيه قولان:

  قيل: إنه منقطع؛ لأن الذلة لازمة لهم على كل حال، كقولهم: «إلا خطأ»، فعامل الإعراب موجود، والمعنى على الانقطاع.

  الثاني: أنه متصل؛ لأن عز المسلمين عز لهم بالذلة، وهذا لا يخرجهم من الذلة في أنفسهم.

  ويقال: لم حمل «يُوَلُّوكُم» على الجزم، «يُنْصَرُونَ» على الرفع، وهلا حمل على العطف؟

  قلنا: لأن سبب التولية القتال، وليس كذلك منع النصر؛ لأن سببه الكفر، و (يولوكم) جواب الجزاء؛ فلذلك جزم، و «ينصرون»، رفع على الابتداء، ولو جزم لجاز على العطف على قوله: «وَإنْ يقاتِلُوكم» وقيل: إنما رفع «لاَ يُنصَرُونَ» لتشاكل رؤوس الآي المتصلة به في الذكر، وهو مع ذلك عطف جملة على جملة.

  · النزول: قيل: إن جماعة من اليهود وأشرافهم ككعب وأبي ياسر وأبي رافع، وكنانة وابن صوريا، عمدوا إلى مؤمني أهل الكتاب كعبد اللَّه بن سلام وأصحابه فآذوهم لإسلامهم، فنزلت الآية فيهم، عن مقاتل.

  · المعنى: لما تقدم أن أكثرهم كفرة فسقة أعقبه بما يسكن قلوب المؤمنين منهم، والأمن من