التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون 123 إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين 124 بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين 125 وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم 126}

صفحة 1300 - الجزء 2

  · الإعراب: «أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُم» تقديره: أن يكفيكم إمدادكم؛ لأن (أن) وما عملت فيه اسم، وقوله: «يمددكم» ولم يقل يمدكم بالإدغام، كما قال: «أَنْ يُمِدَّكُم» لأن هذا جواب المجازاة فقد سكنت لام الفعل فلا يدغمه؛ لأن تقديره: إن تصبروا وتتقوا يمددكم.

  الهاء في قوله: «وَمَا جَعَلَهُ» قيل: تعود على الإمداد، فهو يعود علي معلوم بالدلالة، غير مذكور باسمه؛ لأن «يمددكم» يدل على الإمداد، ومثل هذا في قوله تعالى: {حَتَّى تَوَارَتَ بِالحجابِ}، ومنه قول لبيد:

  حتى إذا ألقت يدا في كافر

  يعني الشمس.

  وقيل: يعود على النصر، عن أبي مسلم.

  «وَلتَطْمَئِنَّ» نصب بلام كي أي لتطمئن قلوبكم به، أي بما فعله بشرى وهو النصر.

  ويُقال: (بشرى) اسم فلم عطف عليه «وَلتَطْمَئِنَّ»، وهو فعل، وعطف الفعل على الاسم لا يجوز؟

  قلنا: قيل: الواو محذوف تقديره: لتطمئن، وقيل: إنه معطوف على محله، تقديره: لتبشروا به ولتطمئن.

  · النزول: بَلَغَ النبي ÷ والمؤمنين يوم بدر أن كُرْزَ بن جابر المحاربي يريد أن يمد المشركين، فشق ذلك عليهم، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، وبلغ كُرْزًا هزيمة القوم، فلم يأتهم ولم يمدهم، عن الشعبي.