التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون 123 إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين 124 بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين 125 وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم 126}

صفحة 1301 - الجزء 2

  وقيل: إن أصحاب رسوْل اللَّه ÷ سألوا اللَّه أن ينصرهم بالملائكة يوم أحد كما أمدهم يوم بدر، فنزلت الآية.

  · النظم: قيل: لما أمرهم بالصبر ليأتيهم النصر بين ما فعل بهم يوم بدر، وقيل: نبه المؤمنين لما أصابهم يوم أحد إن حل بكم بأُحُد فقد نصركم ببدر لما لم تخالفوا أمر الرسول.

  · المعنى: «وَلَقَدْ» تأكيد للكلام «نَصَرَكُمُ» أعانكم أيها المؤمنون «بِبَدْرٍ» قيل: هو ماء بين مكة والمدينة، وبه التقى النبي ÷ والمشركون «وَأَنْتُمْ أَذِلَّة» قيل: أذلاء عند أبي سفيان وأصحابه فهو مضاف، وقيل: أراد: بقلة العدد وضعف الحال وقلة السلاح، ولا شبهة أنه لا يطلق على من ينصره اللَّه تعالى أنه ذليل «فَاتقوا اللَّه» قيل: اجتنبوا معاصيه واعملوا بطاعته لتقوموا بشكر نعمته، وقيل: اتقوا عقابه بطاعته فيما أمركم به «لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» قيل: فيه تقديم وتأخير تقديره: لقد نصركم اللَّه ببدر وأنتم أذلة لعلكم تشكرون فاتقوا اللَّه لتكونوا شاكرين، وقيل: فاتقوا اللَّه لتكونوا بالتقوى شاكرين لنعمه عليكم يوم بدر «إِذْ تَقُولُ» يا محمد «لِلْمُؤْمِنِينَ» من أصحابك «أَلَنْ يكفيكم» يغنيكم «أَنْ يُمِدَّكُمْ» يعطيكم مددًا لكم، واختلفوا متى قال هذا، ومتى كان هذا الوعد؟ فقيل: يوم بدر أمدوا بالملائكة، عن ابن عباس والحسن وقتادة وأبي علي وأبي مسلم، وقيل: بل كان يوم أحد، وَعَدَهُمُ اللَّه المدد إن صبروا، عن عكرمة والضحاك، واختلفوا بكم أُمِدُّوا، قيل: بخمسة آلاف عن ابن عباس وقتادة، وقيل: بثمانية آلاف، عن جماعة، وقيل: بألف عن الشعبي، وقيل: لم يمدوا بشيء، عن الأصم، قال ابن عباس ومجاهد: لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر وفيما سوى ذلك كانوا عددًا ومددًا «بِثلاثة آلاَفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ» يعني أنزلهم اللَّه تعالى من السماء إلى الأرض لنصرتكم «بَلَى» تصديق لوعد اللَّه، أي يفعل كما وعدكم ويزيدكم «إِنْ تَصْبِرُوا» في الجهاد وعلى ما