قوله تعالى: {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون 123 إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين 124 بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين 125 وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم 126}
  غير الأصم، فإنه أنكر ذلك أشد الإنكار، والذي يبطل قوله القرآن وإجماع الأمة قبله وما روي في الآثار والسير حتى دخل في حد التواتر، واستدل الأصم بقوله تعالى: {وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ} قال: فكيف يقلل، وهم خمسة آلاف وستة آلاف، وروي أن المشركين رأوهم، قال: ولأنه لو كان كذلك لم يكن في الوقعة معجزة، وإنما يكون كما جرت العادة بين الناس بغلبة الكثير على القليل.
  قلنا: أما الأول فلم يرهم المشركون، وإنما رُئِيَ بعضهم في وقت دون وقت، ويجوز أن يروهم ومع ذلك يقللهم في أعينهم، كما قلل الناس في أعينهم معجزة.
  وعن الثاني: أن المعجزة بإمداد الملائكة والنصرة، فلا مانع يمنع من ذلك.
  وروى ابن أبي أوفى أنه تعالى أمدهم يوم بني قريظة والنضير، أمدهم بثلاثة آلاف، واختلفوا في (أحد) على أقوال: فمنهم من قال: نزلوا وهزموا المشركين، فلما عصى أصحابه صعدوا، ومنهم من قال: وعدهم بنزولهم إن صبروا، فلم يصبروا فلم ينزلهم، ومنهم من قال: لم يمدهم يومئذ أصلاً، وقيل: إنه أمدهم يوم الأحزاب حتى انصرف المشركون إلى مكة.
  *جميع مغازي رسول اللَّه ÷
  جميع مغازيه ست وعشرون غزوة، قاتل في سبع:
  منها: بدر الكبرى، كان يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان سنة ثنتين من الهجرة، وذلك أن جبريل أتى النبي ÷ يخبره بعير أبي سفيان المقبلة من الشام، فخرج في خِفٍّ من أصحابه، وبلغ ذلك أبا سفيان، فَغَيَّرَ الطريق، وبعث النفير إلى مكة فخرجوا حتى أتوا بدرًا، فرأى بعضهم الحرب وبعضهم الكف، ثم اتفقوا على الحرب، فقتل جماعة، وأسر جماعة منهم العباس، ثم فدى الأسارى، وكان المسلمون يومئذ ثلاثمائة وبضعة عشر، والمشركون تسعمائة ونَيِّفًا.