قوله تعالى: {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون 123 إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين 124 بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين 125 وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم 126}
  أمركم اللَّه تعالى «وَتَتَّقُوا» معاصي اللَّه ومخالفة النبي، ÷ «وَيَأتوكُم» يعني المشركين، وقيل: الواو للتفخيم، والمعنى يأتوكم يعني الملائكة مددًا الثلاثة آلاف «مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا» قيل: مِنْ وَجْهِهِمْ، عن ابن عباس والحسن وقتادة والربيع والسدي وابن زيد، فعلى هذا هو من فور الانتداب لهم، وهو ابتداؤه، وقيل: من غضبهم هذا، وكانوا غضبوا يوم أحد ليوم بدر مما لقوا، عن مجاهد والضحاك وأبي صالح، وهو من فور الغضب وهو غليانه، وقيل: في مسيرهم هذا في قصدهم إليكم، عن أبي علي «يُمْدِدْكُمْ» يعطيكم مددًا لكم ونصرة «رَبُّكُمْ بخمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ» بالكسر أي مُعْلِمِين أعلموا أنفسهم، وبالفتح مُعْلَمين أي سومهم اللَّه أي أعلمهم، وقيل:
  مرسلين، واختلفوا في هذه السمة، قيل: بالصوف في نواصي الخيل وأذنابها، عن ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد والضحاك، وقيل: نزلت الملائكة يوم بدر على خيل بلق، وعليهم عمائم صفر، عن هشام بن عروة، وروي عن النبي ÷ أنه قال يوم بدر: «سوموا فإن الملائكة سومت بالصوف الأبيض، وفي قلانسهم ومعافرهم» وقيل: كانوا على خيل بلق، عن الربيع، وقيل: كانت عليهم عمائم بيض أرسلوها بين أكتافهم، عن علي # وابن عباس، وقيل: كانت عليهم سيماء الملائكة، عن عكرمة، وقيل: سيماء المؤمنين، عن السدي «وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى» أي ما جعل الإمداد والوعد به، وقيل: ما جعل النصر إلا بشرى، عن أبي مسلم. «بُشْرَى» أي بشارة لكم لتستبشروا به «وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ» يعني لتسكن قلوبكم فلا تخافون كثرة عدد العدو وقلة عددكم «وَمَا النَّصْرُ» يعني المعونة «إِلَّا مِنْ عِنْد اللَّه» قيل: مع أمداد الملائكة وكثرة العدو النصرة من اللَّه، حتى لو لم ينصره لم يغنوا شيئًا، وقيل: هذا النصر بإمداد الملائكة من عنده «الْعَزِيزِ» القادر على انتقامه من الكفار بأيدي المؤمنين «الْحَكِيمِ» في تدبيره للعالمين، وقيل: الحكيم في ابتلاء بعضهم ببعض.
  *نزول الملائكة
  أجمع أهل التفسير والسير أن اللَّه تعالى أنزل الملائكة يوم بدر، وأنهم قاتلوا،