التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون 28}

صفحة 303 - الجزء 1

  زيدًا؟ فتجيب بأحواله: مسرورًا أو مهمومًا وما أشبهه، و (كيف) ينتظم جميع الأحوال، كما أن (كم) ينتظم جميع الأعداد، و (ما) ينتظم جميع الأجناس، و (أين) ينتظم جميع الأماكن، و (من) ينتظم جميع ما يعقل. (كان): شبيه فعل ماض، وعمله أن يرفع الاسم وينصب الخبر، تقول: كان زيد قائمًا، وتصريفه: كان يكون كونًا فهو كائن، و (كان) على أربعة أوجه: تامة، وناقصة، وزائدة، ومضمنة، فالتامة هي المكتفية باسمها دون خبرها، كقولك: كان القتال، يعني حَدَثَ ووقع، والناقصة: هي التي لا تتم دون خبرها كقولك: كان زيد أميرًا، والزائدة: ما يكون دخولها كخروجها إلا بمقدار ما توجبه من التوكيد، كقولك: ما كان أَحْسَنَ زيدًا!، ومنه: {مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ٢٩} أي كيف نكلم من في المهد صبيًّا، والمضمنة: هي التي يُضَمَّنُ فيها ضَمِيرٌ يُفَسِّرُهُ ما بعده، وسمي ضمير المجهول؛ لأنه يضمن عن الذِّكر على شريطة التفسير. حكى سيبويه: كان أنت خير منه، كأنه قال: الأمر والقصة، ثم فسره فقال: أنت خير منه، وهو إن كان يتصرف تصرف الفعل فليس بفعل على الحقيقة وإنما يدل على الزمان، ويدخل على الابتداء والخبر، قلت: زيد مسرور، ثم تقول: كان زيد مسرورا، كأنك تريد فيما مضى من الزمان، وتدخل زائدة للتأكيد، وتعمل كقوله: {إِنَّ اللَّهَ كاَنَ عَلِيمًا خَبِيَرًا} ويقال: لِمَ جاز تقديم خبر (كان) دون (ليس)؟

  قلنا: لأن (كان) تتصرف فجاز تقديم خبره، تقول: راكعًا كان زيد، و (ليس) لا يتصرف.

  ويقال: ما الواو في قوله: (وَكُنْتُم)؟

  قلنا: قيل: واو الحال، عن الفراء والزجاج، وقالا: لا بد من إضمار، كأنه قيل: وقد كنتم أمواتًا، كقوله: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} أي قد حصرت، وموضع الواو على هذا القياس نصب، كأنه قيل: كيف تكفرون بِاللَّهِ كائنين أمواتًا مرة وأحياءً مرة.

  · المعنى: ثم عاد في الاحتجاج على الكفار في إنكارهم البعث، فقال: «كَيفَ تَكفُرُونَ»