التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين 149 بل الله مولاكم وهو خير الناصرين 150}

صفحة 1341 - الجزء 2

  · الإعراب: «فَتَنْقَلِبُوا» جزم بالفاء عطفًا على «يَرُدُّوكُمْ».

  «واللَّه» رفع على الخبر بما ينافي الأول، فلذلك صح الإضراب عنه إلى الثاني، قال الفراء: ويجوز النصب على الأمر بمعنى أطيعوا اللَّه مولاكم، وذلك لأن ما قبله (إن تطيعوا)، ثم قيل: على الإضراب عن الأول، والإيجاب للثاني، بل أطيعوا اللَّه.

  · النزول: قيل: نزلت في اليهود والنصارى وكانوا يثبطون أصحاب النبي ÷ عن الحرب، عن أبي علي.

  وقيل: نزلت في المنافقين لما قالوا يوم أحد: ارجعوا إلى إخوانكم، وارجعوا في دينهم، عن علي.

  · المعنى: لما أمر تعالى فيما تقدم بالجهاد وحث عليه أمر بترك الائتمار لمن يثبطهم عن ذلك، فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» خطاب للمؤمنين «إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كفَرُوا» قيل: أهل الكتاب من اليهود والنصارى بأن تستنصحوهم وتقبلوا رأيهم يردوكم خاسرين عن الحسن وابن جريج، وقيل: إن تطيعوا أبا سفيان وأصحابه يردوكم كفارًا عن السدي، وقيل: المنافقين «يَرُدُّوكم عَلَى أَعْقَابِكُمْ» أي يرجعوكم كفارًا كما كنتم «فَتَنْقَلِبُوا» ترجعوا «خَاسِرِينَ» لأنفسكم، ولا خسران أعظم ممن بدل الكفر بالإيمان والجنة بالنار، واختلفوا فيما نهي عن قبوله قيل: فيما يأمرونهم من الضلالة، وقيل: فيما يشاورونهم فيه، وقيل: في ترك الحرب لأجل تثبيطهم عن أبي علي «بَلِ اللَّه» قيل: أطيعوا اللَّه «مَوْلاَكُمْ» وقيل: اللَّه مولاكم وناصركم فأطيعوه «وَهُوَ خَيرُ النَّاصِرِينَ» وذكر خير الناصرين وإن كان نَصْرُ غَيْرِه لا يعتد به مع نصره لإظهار