قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين 152}
  الرابع: قيل: إن فشلتم تقديره: حتى إذا فشلتم يعنى إلى أن فشلتم.
  و (حتى) غاية بمعنى (إلى)، وحينئذ لا جواب له، وقيل: الواو زائدة في عصيتم، أي حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر عصيتم نبيكم في لزوم الموضع الذي رتبكم فيه.
  · النزول: قال محمد بن كعب القرظي: لما رجع النبي ÷ إلى المدينة وقد أصابهم ما أصابهم بأحد قال ناس من أصحابه: من أين أصابنا هذا وقد وعدنا اللَّه النصر، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية وهو قوله: «إن تصبروا وتتقوا» قيل: هذا كان يوم أحد كانوا يقتلون المشركين قتلاً ذريعًا حتى أخل الرماة بمكانهم الذي ألزمهم النبي، ÷ المقام عنده، فأتاهم خالد بن الوليد من وراء المسلمين، وقتل عبد اللَّه بن جبير ومن معه من الرماة، وتراجع المشركون، وقتلوا سبعين رجلاً فهزموا، ونادى [منادِ]: قُتِلَ محمد، إلى أن مَنَّ اللَّه عليهم فتابوا وقويت نفوسهم، ونزل الخذلان بعدوهم حتى ولوا عنهم، عن البراء بن عازب وابن عباس والحسن وقتادة والسدي والربيع وابن إسحاق، في ذلك نزلت الآية.
  · المعنى: لما تقدم الوعد بالنصر بإلقاء الرعب في قلوب المشركين بين في هذه الآية أنه صدق وعده، وأن القدر الذي خلى بينهم وبين عدوهم بعصيانهم نبيهم تحذيرًا من معاودتهم إياه فقال تعالى: «وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّه وَعْدَهُ» يعني وفيت لكم ما وعدتكم من النصر على عدوكم؛ لأنه تعالى وعدهم النصر إن صبروا واتقوا بقوله تعالى: {بَل إِن تَصبرُوا وَتَتَّقُوا} فلما صبروا واتقوا نصرهم حتى هزموهم، فلما عصى الرماة خلى بينهم وبين عدوهم، فنالهم ما نالهم، وقيل: الوعد ما قاله رسول اللَّه ÷ للرماة: «لا تبرحوا هذا المكان، فإنا لا نزال غالبين ما ثبتم في مكانكم»، «إِذْ