التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون 153}

صفحة 1351 - الجزء 2

  في الوادي يوم أحد عن قتادة والربيع، وقيل: صعدوا الجبل فرارًا، عن ابن عباس والحسن، ويحتمل أن بعضهم أصعد في الوادي وبعضهم صعد الجبل إذ يحتمل أنهم صعدوا الجبل بعدما أصعدوا في الوادي «وَلاَ تَلْوُونَ» قيل: لا تقومون على من خلفتم في الحرب، وقيل: لا ترجعون إلى من خلفتم ولا تلتفتون إليهم، عن أبي علي، وقيل: لا يقف أحد على أحد من شدة الهزيمة، «عَلَى أَحَدٍ» قيل: عني به الرسول؛ أي لا يُقْدِمون عليه وهو يدعوهم ولم يصرح باسمه كي لا ... ، وقيل: من ورائهم في الحرب، وقيل: أحد على أحد «وَالرَّسُولُ» يعني محمدًا ÷ «يَدْعُوكُمْ» إلى القتال، وروي أنه كان يقول: «أي عباد اللَّه ارجعوا، أي عباد اللَّه ارجعوا» عن ابن عباس والربيع والسدي «فِي أُخْرَاكُمْ» قيل: معناه مِنْ، يعني: يدعوكم من أخراكم، وقيل: يدعوكم وهو واقف في أخراكم يعني في آخر الناس وهم تقدموه «فَأَثَابَكُمْ» أي جازاكم على فراركم وخلافكم أمر نبيكم «غَمًّا بِغَمٍّ» قيل: معناه غَمًّا على غم، كقولهم: نزلت ببني فلان أي عليهم، وقيل: غَمًّا مع غم كما يقال: ما زلت بزيد حتى فعل كذا، وحروف الصفات يبدل بعضها ببعض، وقيل: معناه غَمًّا متصلاً بغم، والغم: الحزن، واختلفوا في الغمين، فقيل: الأول القتل والجراح، والثاني الإرجاف بقتل محمد ÷ عن قتادة والربيع، وقيل: غَمًّا يوم أحد بعد غم يوم بدر عن الحسن، وروي عنه أيضًا: غم المؤمنين يوم أحد بغم المشركين يوم بدر، قال الأصم: وليس ذلك بشيء، وقيل: الغم الأول ما فاتهم من الظفر والغنيمة، والغم الثاني ما نالهم من القتل والجراح والهزيمة، وقيل: الغم الأول ما ندموا على مخالفتهم أمر نبيهم والثاني قتل أقاربهم عن أبي علي، وقيل: جازاكم غَمًّا بغم على معصية الرسول عن الأصم، وقيل: الأول خوف العدو عند الفشل، والثاني ما نالهم عند الهزيمة عن أبي مسلم، وقيل: الأول إشراف خالد بن الوليد عليهم، والثاني إشراف أبي سفيان، وروي أنه لما وقف أبو سفيان بباب الشِّعب والمؤمنون فيه ساءهم ذلك فدعا رسول