التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور 154}

صفحة 1353 - الجزء 2

  · القراءة: قراءة العامة: «أَمَنةً» بفتح الميم، وعن بعضهم «أَمْنَةً» بسكون الميم، ومعناهما واحد.

  وقرأ حمزة والكسائي «تَغْشَى» بالتاء ردًّا إلى الأمنة والباقون بالياء ردًا إلى النعاس، وهو اجتناب حاتم وخلف. وقال أبو عبيدة: النعاس يلي الفعل، والتذكير أولى به مما تقدم.

  وقرأ أبو عمرو: «الأمرَ كُلُّهُ» برفع اللام والباقون بالنصب، فوجه الرفع على الابتداء وخبره في قوله: «لله» وصار هذا الابتداء وخبره خبرًا لـ (إِنَّ)، كما يقال: إن عبد اللَّه وجهه حسن فيكون «عبد اللَّه» مبتدأ، «ووجهه» ابتداء ثانيًا، وحَسَن: خبره، وجملته خبر للابتداء الأول، وبه قرأ يعقوب الحضرمي، وأما النصب فعلى البدل، وقيل: على النعت.

  قراءة العامة: «لَبَرَزَ» بالتخفيف على فعل ماض «القَتْلُ» بغير ألف، وقرأ ابن أبي عبلة «لبُرِّزَ» بضم الباء وتشديد الراء على النقل المجهول، وعن قتادة «كتب عليهم القتال» بالألف.

  · اللغة: الأمَنَةُ والأمن سواء، وهما ضدا الخوف، والأمَنَةُ مصدر كالعظمة والغلبة.

  والنعاس: الوَسَنُ، يقال: نَعَسَ نُعَاسًا وناقة نَعُوس، توصف بالسماحة في الدَّرِّ؛ لأنها إذا درت نعست.

  والبروز: الخروج، وأصله من برز فهو بارز، والبَراز: المتسع من الأرض، وامرأة بَرْزَة: جليلة تبرز للناس وتجلس لهم.

  والتمحيص: البلاء والاختبار، يقال: محّصت الذهب بالنار إذا خلصته مما يشوبه، والمحص خلوص الشيء.

  والبلاء: الاختبار ويكون بالخير والشر، بلوته: اختبرته.

  · الإعراب: نصب «النعاس»؛ لأنه بدل من الأمنة؛ لأن الأمنة كانت مراحل النعاس.