قوله تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين 159}
  به أمته فلا يراها منزلة نقص كما مدحوا بأن أمرهم شورى بينهم عن سفيان بن عيينة، وعن الحسن: ما شاور قوم إلا هدوا لأرشد أمورهم، وعن سهل بن سعد عن النبي، ÷: «ما شقى أحد بمشاورة، واللَّه ورسوله غني عن المشاورة، ولكن اللَّه أراد أن تكون سنة فشاوروا»، وقيل: هو لمجموع الأمرين لتفخيم شأنهم وفضيلة المشاورة واقتداء الأمة في معنى قول الحسن والضحاك، وقيل: هو في أمور الدنيا، ومكايد الحرب ولقاء العدو، وفي مثل ذلك يجوز أن يستعين برأيهم عن أبي علي، وقيل: شاورهم فيما لا وحي فيه، ولا بد أن يحمل على أمور الدنيا لأن الشرائع لا تثبت إلا بوحي يدل عليه قراءة ابن عباس: (وشاورهم في بعض الأمر) وهذا محمول على أنه فسر لا أنه قراءة و (هم) قيل: كناية عن الصحابة عند أكثر المفسرين، وقيل: سادات العرب عن قتادة والربيع ومقاتل، وقيل: شاورهم يعني أبا بكر وعمر، يؤيده ما روي أنه ÷ قال: «لي وريدان في السماء ورويدان في الأرض، أما في السماء فجبريل وميكائيل، وإما في الأرض فأبو بكر وعمر» وقد شاورهما ببدر في الأسارى، وأخذ برأي أبي بكر في أخذ الفداء «فَإِذَا عَزَمْتَ» عقدت قلبك على الفعل وإمضائه، وقيل: إذا صح عزمك بتسديدنا إياك فامض لما أمرناك. به «فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه» أي استعن به فيما تأتي وتذر، وذر رأيك ورأي غيرك، وقيل: استعن به دون غيره، وقيل: سله حسن نظره، وقيل: فوض إليه «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكّلِينَ» الَّذِينَ ينقطعون إليه، ويكلون أمورهم إلى لطفه وتدبيره.
  وقيل لحاتم الأصم: علام ثبت أمرك في التوكل؟ فقال: على أربع خلال: علمت أن رزقي لا يفوتني فلست أشتغل به، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري، فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت بغتة، فأنا أبادره، وعلمت أني بعين اللَّه في كل حال، فأنا مستح منه.