قوله تعالى: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون 160}
  وكسر الذال، يعني يجعلكم مخذولين، ويحملكم على الخذلان والتخاذل.
  · اللغة: الغلبة: القهر، غَلَبَ الرجل غَلْبًا وغَلَبَةً وغَلَبًا، والغَلِب: المغلوب والنصرة: المعونة.
  والخِذْلان: ترك الإعانة، ورجل خُذَلَة خَاذِلٌ لا يزال يَخْذُل.
  · الإعراب: «من ذا الذي» مخرجه مخرج الاستفهام، ومعناه التقرير بالنفي، أي لا ينصركم أحد من بعده، كقولك: من يعدلك إذا فسقك الإمام.
  · المعنى: لما أمر بالجهاد والتوكل على نصره بَيَّنَ أنه لا ناصر سواه، فقال تعالى: «إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّه» أيها المؤمنون على من ناوأكم، وإن كثر أو قل عددكم «فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ» فلا تهابوا قلة عددكم وكثرة عددهم، وقيل: إن ينصركم اللَّه لطاعتكم إياه فلا طاقة لأحد بكم «وَإنْ يَخْذُلْكُمْ» يمنعكم معونته ويخلي بينكم وبين عدوكم بمعصيتكم إياه «فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ [مِن بعْدِه]» يعني لا ناصر ينصركم بعد خذلان اللَّه إياكم، والمراد بالآية الحث على الطاعة يعني إذا كان نصره لطاعته، وخذلانه لمخالفته فأطيعوا ربكم ولا تخالفوا أمره، وتوكلوا عليه ليأتيكم نصره، وقيل: إن ينصركم اللَّه كما فعل ببدر مع قلة عددكم لم يغلبكم أحد، وإن يخذلكم كما فعل بأُحُد لمخالفتكم أمر الرسول لم تجدوا ناصرًا «وَعَلَى اللَّه فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمنونَ» قيل: هو خبر أن المؤمن يتوكل على ربه، وقيل: هو أمر، أي ليكن اعتمادكم على ربكم وعلى وعده، وقيل: هو من المقلوب، أي وعلى المؤمنين أن يتوكلوا على اللَّه، وقيل: على بمعنى الباء أي بِاللَّهِ يثق المؤمنون.
  · الأحكام: تدل الآية على أن نصرته هي النهاية فلا يجوز معها أن يغلب، وتدل على أنه قد