قوله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون 161}
  ينصر المؤمنين وقد لا ينصرهم إذا رأى المصلحة فيه، وهذا مما يتصل بالحرب دون النصرة بالحجة، وقال أبو علي: النصرة ثواب، ولذلك لا يقال: ينصر الكافرين، وقال أبو بكر: ليس بثواب؛ لأنه أمرنا بنصرة الفئة المبغي عليها، وقد لا يكون مستحقًا للثواب، و [قال] أبو القاسم: لا يجوز نصرة اللَّه للكافرين على وجه، فأما الخذلان فعقوبة بالإجماع.
  وتدل على وجوب التوكل على اللَّه في جميع الأمور، والانقطاع إليه في جميع الأحوال.
  وتدل على أن النبي ÷ والمسلمين إنما بلغوا ما بلغوا من إظهار الدين وفتح البلاد بنصره دون العدد والعدة، لما رأينا من غلبة الفئة القليلة الفئة الكثيرة، وذلك معجزة لنبينا ÷.
قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ١٦١}
  · القراءة: قرأ ابن كثير وعاصم وأبو عمرو: «يَغُلَّ» بفتح الياء وضم الغين على أن الفعل فيه للنبي، أي ما كان النبي، ÷ يخون، وقرأ الباقون «يُغَلَّ» بضم الياء وفتح الغين، وفيه وجهان: أحدهما: أن يكون من الغلول، أي ما كان لنبي أن يخان، يعني تخونه أمته.
  الثاني: أن يكون من الأغلال، أي ما كان لنبي أن يخون أي ينسب إلى الخيانة، قال المبرد: تقول العرب: أكْفَرْتُ الرجل: جعلته كافرًا، ونسبته إلى الكفر.
  · اللغة: الغلول: الخيانة على الرجل، يَغُلّ إذا خان، غل يَغُل إغلالاً، ومنه: لا إغلال ولا إسلال، فالإغلال: الخيانة، والإسلال: الرشوة، وأصل الغلول الغَلَل، وهو دخول الماء في خلال الشجر، الغَلَل: الماء في أصول الشجر، ينغل انغلالاً.