قوله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون 161}
  وابن عمر وقتادة وأبي علي، قال أبو علي: وذلك ليفضح به على رؤوس الأشهاد، وقيل: يأتي به يوم القيامة؛ لأنه لو لم يكفر عنهم كما تكفر الصغائر فهو يعاقب عليه، وقيل: يأتي بِوَبَالِهِ وجزائه عن أبي مسلم، وقيل: يمثل له ذلك الشيء في النار، ثم يقال له: انزِلْ فخذه فينزل فيحمله على ظهره، فإذا بلغ موضعه وقع في النار، فَيُكَلَّف أن ينزل إليه فيخرجه يفعل به ذلك عن الكلبي، والأول الوجه؛ لأنه الظاهر «ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ» أي تعطى تامًا كل نفس جزاء ما عملت غير منقوص، وقيل: تجزى كل نفس بقدر ما عملت «وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ» أي لا يبخس من ثواب المحسن، ولا يزاد في عقاب المسيء.
  · الأحكام: في الآية أحكام عقلية، وأحكام شرعية:
  أما العقلية: فتدل على بطلان قول الْمُجْبِرَةِ، وأنه تعالى بين أنه توفى كل نفس جزاءها، ولا يظلمون: لا يبخس حقهم، وعندهم له أن يمنعهم جميع حقهم، ولا يكون ظلمًا، ولو عذب الأنبياء من غير ذنب لم يكن ظلمًا، وهذا خلاف الآية.
  وتدل على أن الظالم يؤخذ منه الأعواض للمظلوم يوم القيامة؛ لأن المُتَعَالَمَ أن نفس ما غله لا يأتي به، فالمراد ما يستحق عليه بدلاً وهو العوض.
  وتدل على عظم الخيانة مع الرسول؛ فلذلك خصه بالذكر، وتدل على تنزيه الرسول، لأنه بين أن الغلول تجانب النبوة، فيدخل فيه جميع وجوه الخيانات.
  وأما الأحكام الشرعية: فتدل على أن الغنيمة يملكها المسلمون لولا ذلك لما كان كتمانه خيانة.
  وتدل على عظم مأثم الغلول؛ لما فيه من ظلم الغانمين وأصحاب الخمس، قال الأصم: وفي الآية دليل على أن الوعيد في أهل الصلاة.
  وتدل على الوعيد في الغلول في سائر الحقوق، كالزكوات، وسائر العبادات.
  وتدل على أنه ليس لأحد أن يستبد بالغنيمة، وهذا فيما هو غني عنه دون ما أبيح