قوله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون 161}
  · النظم: يقال: كيف تتصل الآية بما قبلها؟
  قلنا: فيه وجوه، قيل: لما ذكر الجهاد واتصل به حديث الغنائم، نهى عن الخيانة فيهما، وقيل: لما تركوا الموضع الذي رتب لهم النبي ÷ بأُحُد خوف فوت الغنيمة عاتبهم على ذلك، وبين أن ما خافوا منه ليس بعذر؛ لأن النبي ÷ كان لا يخون في الغنيمة، وقيل: لما خالفوا أمر الرسول بين أنه لا ينبغي لأحد أن يخون الرسول، هذا على قراءة من قرأ بضم الياء، وقيل: لما بين ما عليه رسول اللَّه، ÷ من محاسن الأخلاق اتصل به محاسن الأفعال، وهو أنه لا يَجُور في أمر من الأمور فيدخل فيه جميع المعاصي.
  · المعنى: «وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ» بفتح الياء، أي لا تجتمع النبوة والخيانة، وقيل: ما كان له أن يكتم شيئًا من وحيه عن ابن إسحاق، تقديره: ما كان له أن يغل أمته فيما يؤدي إليهم، وقيل: اللام منقولة تقديره: ما كان النبي ÷ ليغل، فهو نفي الغلول عنه، كقوله: {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ} وعلى رفع الياء، ما كان لنبي أن يخان، يعني يخونه أصحابه ويكتمونه شيئًا من المغنم، وخصه بالذكر وإن كان لا يجوز خيانة غيره لوجهين: أحدهما: عظم خيانته، والثاني: لأنه القائم بأمر الغنائم، فصار كأنه قيل: ما كان لأحد أن يغل، وقيل: ما كان لنبي أن ينسب إلى الخيانة، وقيل: ما كان لنبي أن يظن به الخيانة عن المفضل «وَمَنْ يَغْلُلْ» يَخُنْ «يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قيل:
  يأتي به حاملاً على ظهره كما روي في خبر طويل: «ألا لا يغلن أحد بعيرًا فيأتي به على ظهره يوم القيامة له رغاء فيقول: يا محمد يا محمد، ألا لا يغلن أحد فرسًا فيأتي به يوم القيامة على ظهره له حمحمة فيقول: يا محمد يا محمد فيقول: قد بلغت قد بلغت، لا أملك لك من اللَّه شيئًا» عن ابن عباس وأبي هريرة وأبي حميد الساعدي