التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل 173}

صفحة 1391 - الجزء 2

  ما أراك ترتحل حتى ترى نواصي الخيل، فقال: إنا أجمعنا الكرة عليهم لنستأصلهم، قال: فإني أنهاك عن ذلك، ففتر أبو سفيان ومن معه، فمر به ركب من عبد القيس فقال: أين تريدون؟ قالوا: المدينة، قال: فهل تبلغون محمدًا رسالة حتى أحمل إبلكم هذا زبيبًا بعكاظ؟ قالوا: نعم، قال: فإذا جئتموه فأخبروه أنا أجمعنا الرجوع إليه لنستأصل بقيتهم، فمر الركب برسول اللَّه ÷ وهم بحمراء الأسد، فأخبروه بقول أبي سفيان، فقالوا: حسبنا اللَّه، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية عن جماعة من المفسرين منهم ابن عباس وابن إسحاق وقتادة.

  وقيل: إن أبا سفيان لما خرج من مكة لموعد بدر الصغرى، وبدا له فلقي نعيم بن مسعود وقد قدم معتمرًا فقال: إني خرجت لموعد محمد، وإن هذه عام جدب، وقد بدا لي فالحقْ بالمدينة وأعلمهم أنا في جمع كثير، وضمنوا له جعلاً، فخرج إلى المدينة والناس يتهيؤون لميعاد أبي سفيان، فأخبرهم بما أعد أبو سفيان، فقالوا:

  حسبنا اللَّه، وفيه نزلت الآية، عن الواقدي وعكرمة ومجاهد.

  وقيل: لما تجهز النبي ÷ وأصحابه للمسير إلى بدر الصغرى لميعاد أبي سفيان أتاهم المنافقون وقالوا: كنا نهيناكم عن الخروج إلى أحد فعصيتمونا حتى نالكم ما نالكم، فإن أبيتم إلا الخروج لا يرجع منكم أحد، قالوا: حسبنا اللَّه، فنزلت الآية عن السدي.

  وقيل: دخل ناس من تهامة المدينة فسألوهم عن أبي سفيان فقالوا: قد جمعوا لكم جموعًا كبيرة فاخشوهم، فقالوا: حسبنا اللَّه، فأنزل اللَّه هذه الآية عن أبي معشر.

  · المعنى: ثم أخبر تعالى عن حسن نصره للمؤمنين الَّذِينَ تقدم ذكرهم، وقوله: «الَّذِينَ اسْتَجَابُوا» فقال سبحانه: «الَّذِينَ قَالَ لَهُم النَّاس» يعني النبي ÷ وأصحابه ¤ «النَّاسُ» قيل هم الركب الَّذِينَ فى سهم أبو سفيان إلي المسلمين ليجبنوهم عن ابن عباس وقتادة، وقيل: بل هو أعرابي ضمن له جعلاً عن السدي، وقيل: كان نعيم