التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم 176 إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم 177}

صفحة 1397 - الجزء 2

  · اللغة: الحزن والغم من النظائر.

  والشراء والاستبدال من النظائر غير أن كل شراء استبدال، وليس كل استبدال شراء، كمن يستبدل أجيرًا بأجير.

  · الإعراب: في نصب قوله: «شيئًا» قولان: قيل: إنه وقع موقع المصدر، كأنه قيل: لن يضروا اللَّه شيئًا من الضرر، وقيل: بحذف الباء، تقديره: لن يضروا اللَّه بشيء مما يُضَرُّ به، كقولك: ما ضررت زيدا شيئًا من مال ولا غيره.

  · المعنى: ثم أَمَّنَ تعالى المؤمنين من ضرر الكفار وكيدهم، وبيّن أن ضرر كفرهم عائد عليهم، فقال تعالى: «وَلاَ يَحْزُنْكَ» أي لا يغمنك «الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ» قيل: هم المنافقون يسارعون في الكفر بمظاهرة الكفار عن مجاهد وابن إسحاق، وقيل: هم قوم من العرب ارتدوا عن الإسلام تقربًا إلى عبدة الأوثان عن أبي علي، وقيل: هم كفار قريش عن الضحاك «إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيئًا» يعني كفرهم ومسارعتهم فيه غير ضار بِاللَّهِ تعالى؛ لأنه تعالى يتعالى عن المنافع والمضار، وإنما ضرره عائد عليهم؛ لأنه تعالى يظهر دينه ويخزيهم، وقيل: لن يضروا دين اللَّه شيئًا؛ لأنه تعالى ضمن حفظ دينه، ويظهره على الأديان، وقيل: تظاهرهم لا يضر شيئًا؛ لأنه مهلكم عن الأصم «يُرِيدُ اللَّه أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ» وقيل: يريد إحباط أعمالهم بما استحقوه من العقاب على إجرامهم عن ابن إسحاق، وقيل: يريد أن يحكم بحرمانهم عن الثواب لأجل كفرهم، ولا يقال: إن المراد به لا يريد أن يجعل لهم ثوابًا لوجهين:

  أحدهما: أن الإرادة لا تتقدم المراد بكثير من الأوقات.

  والثاني: أن الإرادة لا تتعلق بألا يفعل، وقيل: أراد أنه يريد ذلك فيما حكم به، عن الحسن، قال أبو علي: سيريد في الآخرة حرمانهم من الثواب.