التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم 176 إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم 177}

صفحة 1396 - الجزء 2

  «وَخَافُونِ» في ترك معصيتي «إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» مصدقين لوعدي، ومصدقين لرسولي فيما وعدكم به، وقيل: وعدهم الأمن والنصر بقوله: «فَلاَ تَخافوهُمْ».

  · الأحكام: الآية تدل على أن وسوسة الشيطان تؤثر في أوليائه لقبولهم منه؛ لذلك خص الأولياء بالذكر، ومعلوم أنه يخوف من يتمكن منه، لكن لما اختصوا بالقبول صاروا كأنه لم يخوف غيرهم.

  وتدل على أن الواجب على المكلف أن يخاف اللَّه، وأن صفة المؤمنين ذلك، فإنهم لا يخافون غيره؛ لأن قوله: «إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» ليس بشرط ولكن ذلك طريقة المؤمنين.

قوله تعالى: {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ١٧٦ إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ١٧٧}

  · القراءة: قرأ نافعِ «يُحْزِنْك» بضم الياء وكسر الزاي، وكذلك جميع ما في القرآن، إلا قوله: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} في الأنبياء فإنه بفتح الياء وضم الزاي، وقرأ أبو جعفر على الضد من ذلك [و] الباقون كلها بفتح الياء وضم الزاي، وهما لغتان حَزَنَ يَحزُن كنصر ينصر، وأحْزَن يُحزِن، مثل أكرم يكرم، إلا أن اللغة العالية حَزَنَ يَحزُن، قال الشاعر:

  مضى صحبي وأحزنني الرباب

  قراءة العامة: «يسارعون»، وعن طلحة بن مصرف: يُسْرِعُون.