التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين 178}

صفحة 1399 - الجزء 2

  وكسرها بيناه في سورة البقرة، فمن قرأ بالتاء فعلى الخطاب، قال الفراء: هو على تكرير المعنى، كأنه قيل: لا تحسبن يا محمد الَّذِينَ كفروا، ومحل (الَّذِينَ كفروا) نصب، ومن قرأ بالياء ف (الَّذِينَ كفروا) في محل الرفع؛ لأن الفعل مضاف إليه على تقدير: لا يحسب الكافر إملاءنا إياهم خيرًا.

  · اللغة: الإملاء: الإمهال والتأخير، وأصله طول المدة. والمَلَوان: الليل والنهار لطول تعاقبهما.

  · الإعراب: «أنما» بفتح الألف بإجماع القراء، ويجوز في العربية الكسر بأن تكون الجملة في موضع الخبر نحو: حسبت زيدًا إنه كريم، والنصب لوقوع الحسبان عليه، وقيل: هو بدل من الَّذِينَ.

  · المعنى: ثم بين تعالى أن إمهالهم إذا كان يؤدي إلى العقاب فذلك لا ينفعهم، فقال تعالى: «وَلاَ يَحْسَبَنَّ» يظنوا «الَّذِينَ كفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ» أي نمهلهم، ونطيل أعمارهم، ونؤخر موتهم، وعلى التاء: ولا تحسبن أيها الرسول، ولا تحسبن أيها السامع، أو أيها الإنسان «أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيرٌ لأَنفُسِهِمْ» معناه لا يحسبن الَّذِينَ كفروا [أن] بقاءهم في الكفر خيرا من القتل بأحد في سبيل اللَّه كشهداء أحد عن أبي علي وأبي مسلم؛ لأن قتل أولئك يؤديهم إلى الجنة، وبقاءهم في الكفر يؤديهم إلى العقاب، بل قتلهم خير من بقاء هَؤُلَاءِ؛ لأن لفظ الخير والشر يستعملان مضافًا، يقال: هذا خير لك من كذا، أو شر لك من كذا، وقيل: لا تحسبوا ذلك خيرًا استحقوه لعملهم أي لا تغتروا بذلك فتظنوا أن ذلك بمنزلتهم؛ لأنهم كانوا يقولون: لو لم نرد ما هم عليه لم نمهلهم عن أبي القاسم، وقيل: لا يحسبن الَّذِينَ كفروا أن دَفْعِي القتل عنهم لخير يكون منهم عن الأصم، قال القاضي قريبًا منه، قال: لا يظن هَؤُلَاءِ