قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين 178}
  المنافقون أن تخلصهم من القتل ينفعهم، وأنه خير لهم حيث كان المعلوم أنهم يكفرون به، وقيل: في الآية تقديم وتأخير تقديره: ولا يحسبن الَّذِينَ كفروا أنما نملي لهم ليزدادوا إثمًا بل نملي لهم ونعطيهم غمار الخير يكسبونه، كأنه قيل: لم نعطهم النعمة للكفر إنما أعطيناهم للشكر عن الأصم «إِنَّمَا نُمْلِي لَهُم» أي نمهلهم، ونطيل أعمارهم «لِيَزْدَادُوا إِثْمًا» هذه لام العاقبة؛ أي نملي لهم وعاقبتهم ازدياد الإثم، كقوله {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} وقال الشاعر:
  لِدُوا لِلْمَوْتِ وابْنُوا لِلْخَرَاب
  وقال آخر:
  وَأُمَّ سِمَاكٍ فَلا تَجْزَعِي ... فَلِلْمَوْتِ مَا تَلِدُ الوَالِدَهْ
  وتقول: ما تزيدك موعظتي إلا شرًا، ونظائره يكثر. «وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ» يعني يهينهم في نار جهنم، وقيل: لهم قتل في الدنيا على الهوان، وحرق في النار على الهوان.
  · النزول: قيل: نزلت في مشركي مكة عن مقاتل، وقيل: نزلت في قريظة والنضير عن عطاء.
  · الأحكام: تدل الآية على أن بقاء المكلف إذا عصى اللَّه فيه، فلا يكون خيرًا له؛ لأن كونه خيرا يتعلق بأمرين:
  أحدهما: من جهته تعالى، وهو أنه إذا اتقاه ومكنه ولطف له، وأراد منه أن يطيع كان هذا خَيرا.