قوله تعالى: {الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين 183 فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير 184}
  · الإعراب: «الَّذِينَ قَالُوا» محل (الَّذِينَ) يجر بالرد على (الَّذِينَ) الأول على تقدير: وسمع قول الَّذِينَ قالوا: إن اللَّه عهد إلينا.
  · النزول: قيل: نزلت الآية في جماعة من اليهود منهم كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب قالوا: يا محمد إن اللَّه عهد إلينا في التوراة أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار، وإن زعمت أن اللَّه بعثك إلينا فجئنا به نصدقك، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية عن الكلبي.
  وقال السدي: إن اللَّه تعالى أمر بني إسرائيل في التوراة من جاءكم يزعم أنه نبي فلا تصدقوه حتى يأتي بقربان تأكله النار، حتى يأتيكم المسيح ومحمد صلى اللَّه عليهما، فإذا أتياكم فآمنوا فإنما يأتيان بغير قربان.
  · المعنى: ثم ذكر من أقاويلهم ما يكون حجة عليهم فقال تعالى: «لَقد سمع اللَّه قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا» لنبيه محمد ÷ «إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَينَا» قيل: أمرنا، وقيل: أوصانا في كتبه «أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ» أي لا نصدق رسولاً «حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأكلُهُ النَّارُ» قيل: ينزل، قيل: نزلت نار من السماء فأكلته عن ابن عباس والضحاك، وقال أبو علي: كان ذلك علامة، يذبحون شاة أو بقرة فتنزل نار من السماء فتأكل ما للمحق وتدع ما للمبطل، وقيل: فيه تقديم وتأخير تقديره: حتى تأتينا بنار تأكل القربان «قُلْ» يا محمد لهَؤُلَاءِ اليهود: «قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي» وهم رسل بني إسرائيل «بِالْبَيِّنَاتِ» بالحجج وبالمعجزات «وَبِالَّذِي قُلْتُمْ» من قربان تأكله النار، وإنما خاطب بذلك من كان على عهد النبي ÷ لأنهم يجرون مجرى أسلافهم لرضاهم بمذاهبهم واقتدائهم بهم ولزومهم طريقتهم، فمجيء الرسل إلى أسلافهم كمجيئهم إليهم، وتكذيب أسلافهم