التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم 188}

صفحة 1422 - الجزء 2

  · اللغة: الفرح والمرح من النظائر، وهو أن يستفز حال البشارة صاحبها وذلك مذموم عند العرب يتمادحون بتركه، قال الشاعر:

  فَلاَ فَرِحٌ إن أتاه ... وَلاَ جَزعٌ مِنَ الْحَدَثان لاعى

  وقد قال تعالى: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} وأخرجه مخرج الذم.

  والمفازة والنجاة والخلاص واحد وهو الفوز، يقول: فاز يفوز فوزا ومفازة أي تخلص، نحو: قال يقول قولاً ومقالةً، وخاف خوفًا ومخافة، وقال أبو مسلم: المفازة والنجاة واحد وهو البعد.

  · الإعراب: يقال: أين خبر «لاَ تَحْسَبَنَّ» الأولى؟

  قلنا: فيه قولان:

  الأول: خبرها (بمفازة من العذاب)؛ لأنها مكسورة لطول الكلام كقولك: لا تظن زيدًا إذا جاءك وكلمك في كذا فلا تظننه صادقًا عن الزجاج، وقيل: الفاء زائدة على هذا.

  والثاني: أن يكون الخبر محذوفًا كأنه قيل: أحسبن، ودل الخبر الأخير عليه.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في أهل النفاق؛ لأنهم كانوا يجتمعون على التخلف عن الجهاد مع رسول اللَّه ÷ فإذا رجع اعتذروا، ويحبون أن يقبل منهم ليحمدوا بما ليس هم عليه من الإيمان عن أبي سعيد الخدري ورافع بن خديج وزيد بن ثابت وابن زيد.