قوله تعالى: {ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا 1}
  فرق وأظهر من آدم وحواء «رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ» أي اتقوا معاصيه «الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ» قيل: هو قول القائل: أسألك بِاللَّهِ وبالرحم عن الحسن ومجاهد وإبراهيم كأنه قيل: بِاللَّهِ تساءلون وبالرحم، فتذكرون الأرحام في التساؤل، وقيل: اتقوا الأرحام أن تقطعوها عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والسدي والضحاك. والربيع وابن زيد، ومعنى «تساءلون» تطلبون مِن غيركم الحوائج بِاللَّهِ وبالرحم، فتقول: بِاللَّهِ ألا أعطيتني عن أبي علي وأبي مسلم، وقيل: تطلبون حقوقكم من الغير بِاللَّهِ أي تُحَلِّفُونهُ، والمعنى: كما تعظمون اللَّه بألسنتكم فعظموه بطاعتكم، وقيل: اتقوا اللَّه الذي به تعاهدون، وقيل: هو قولهم - للغير: اتق اللَّه، وقيل: به يدفع بعضكم بعضًا، فلا تبخسوا حقه بالعصيان عن الأصم، وإنما قرن الأرحام به تنبيهًا على عظم الأمر في قطعها وترك حقها، ولأنه أراد أن يذكر عقيبه أحكام الرحم فقدم الأمر بمراعاة حقها «إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيكُمْ رَقيبًا» قيل: حفيظًا عن مجاهد، وقيل: عليمًا عن ابن زيد وكلاهما جائز؛ لأن الحفيظ بإحصاء الأعمال رقيب، والعليم بها رقيب.
  · الأحكام: تدل الآية على عظيم قدرته ونعمته تعالى؛ إذ خلق جميع هذا الخلق من نفس واحدة، وفرقهم في البلاد إتمامًا للنعمة، وقيل: نبه على قدرته على ما يشاء؛ إذ خلق آدم من غير ذكر وأنثى، وخلق حواء لا من أنثى، وخلق عيسى من دون ذكر، وخلق الخلق من ذكر وأنثى.
  وتدل على أن الإنس كلهم ولد آدم، ومعنى قولنا: خلق شيئا من شيء وأن هذا الخلق خُلِق من النطفة: أنها الأصل، ثم لا يزال ينمو ويزيد بزيادة الأجزاء وضم الأجزاء إليه حتى يصير جسدًا حيًا.
  وتدل على أن الإنسان هذا الشخص المبني؛ لأنه بين أنه خلق الإنسان من النطفة.
  وتدل على أنه تعالى به يُنال الخير وبه تدفع المضار.
  وتدل على النهي عن قطع الأرحام ووجوب مراعاتها، ثم مراعاة الرحم