قوله تعالى: {ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا 1}
  · الإعراب: يقال: لم أنث النفس والْمَعْنِيُّ به آدم؟
  قلنا: لأن لفظ النفس مؤنث، وإن عبر به عن مذكر. كما قال الشاعر:
  أبوك خَليفةٌ ولَدَتْهُ أخرى ... وأنت خليفةٌ ذَاكَ الكمَالُ
  (والأرحام) نصب، قيل: عطفًا على اسم اللَّه، أي اتقوا اللَّه واتقوا الأرحام أن تقطعوها، وقيل: بل هو معطوف على موضع (به)، وهو من قولك: أسألك بِاللَّهِ وبالرحم.
  · المعنى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ» قيل: النداء في سائر الكتب ب (يا أيها المساكين)، وفي القرآن: ما نزل بمكة ب «يَا أَيُّهَا النَّاسُ»، وما نزل بالمدينة فمرة ب «يا أيها الَّذِينَ آمنُوا»، ومرة ب «يا أَيُّهَا النَّاسُ»، وقيل: (يا) نداء، و (أي): تنبيه، و (ها) إشارة، والناس لفظه عام والمراد به خاص؛ لأن المراد به إلمكلفون دون الصبيان والمجانين والأموات «اتَّقُوا رَبَّكُمُ» قيل: اتقوا معاصي ربكم، وقيل: اتقوا عذابه باتقاء معاصيه واتباع أمره «الَّذِي خَلَقَكُمْ» أي أحدثكم مقدرًا كما أراد «مِنْ نَفسٍ وَاحِدَةٍ» يعني آدم عن جماعة المفسرين؛ لأن الناس كلهم بنو آدم «وَخَلَقَ مِنْهَا» من ذلك النفس «زَوْجَهَا» يعني حواء، خلقت من ضلع من أضلاعه عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والسدي وابن إسحاق، وروي أنه تعالى ألقى النعاس على آدم، ثم خلق حواء من ضلع من أضلاعه اليسرى، فلما رآها إلى جنبه سكن إليها، وقال: لحمي ودمي، وإنما ذكر الخلق عقيب الأمر بالاتقاء؛ لأنه بين أنه المنعم بالخلق والإحياء، والعبادة تجب له، فيجب أن يعبدوه دون ما اتخذوه آلهة، وإنما ذكر أنه خلقهم من نفس واحدة؛ لأنه أقرب إلى التعاطف والمحاباة، وترك التفاخر، فتكون النعمة أعم، والقدرة أظهر؛ إذ خلق جميع الخلق من نفس واحدة، ولأنه علق بالإنسان كثيرًا من الأحكام والعبادات «وَبَثَّ مِنْهُمَا» أي