قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31}
  ومتى قيل: كيف علَّمه أسماء الأشخاص؟
  قلنا: بأن أحضر ذلك الشيء وعلَّمه اسمه بكل لغة، وأنه لأي شيء يصلح، وأي نفع، وأي ضرر، وكذلك فعل آدم حتى علَّم الملائكة.
  ومتى قيل: كيف علمت الملائكة أنه كما قال؟
  قلنا: كانت تعرف بعض ذلك؛ لأن تكليفها كان متقدمًا، وقيل: كانت تلك اللغات ومعرفة المصالح متفرقة في الملائكة، كل فريق يتكلم بلغة، ويعلم بعض تلك الحرف، فلما أخبرهم بجميعها علموا صدقه، وقيل: كانت تعلم جميع ذلك بأن أخبرهم اللَّه تعالى قبل خلق آدم، وقيل: بالمعجزة، وعلموا صدقه في ذلك.
  ومتى قيل: هل كان ذلك معجزًا لآدم #؟
  قلنا: نعم لأنه خارج عن العادة، فإنه تعالى كما خلقه أكمل عقله وبعثه نبيًّا، وجعل معجزته ذلك.
  «ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَة» قيل: عرضهم بعد أن خلقهم، وقيل: صورهم لقلوب الملائكة «فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسمَاءِ هَؤُلَاءِ» أي أخبروني بأسماء هذه المسميات، وما يصلح كل شيء له.
  ومتى قيل: ما الذي كَتَمَت حتى قيل لهم هذا؟
  قلنا: للعلماء فيه أقوال:
  أولها: أنه تعالى لما أخبرهم أنه جاعل في الأرض خليفة هجس في نفوسهم أنه لو كان الخليفة منهم بدلاً من آدم وذريته لم يكن الفساد وأن ذلك أصلح لهم، وإن كان اللَّه تعالى لا يفعل إلا الأصلح، فقال تعالى: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فيما ظننتم من هذا المعنى؛ ليدلهم على أنهم إذا لم يعلموا بواطن ما شاهدوه كانوا عن باطن ما غاب عنهم أبعد.