التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31}

صفحة 320 - الجزء 1

  الثاني: أنه وقع في نفوسهم لن يخلق اللَّه خلقًا إلا كانوا أفضل منه في سائر أبواب العلم، فقيل: إن كنتم صادقين في هذا الظن فأخبروا بهذه الأسماء، عن الحسن وقتادة.

  الثالث: إن كنتم تعلمون لم أجعل في الأرض خليفة، يُبَيِّنُهَا أن كل واحد من الأمرين من علم الغيب، فكما لا تعلمون ذلك كذلك هذا، عن ابن عباس.

  الرابع: إن كنتم صادقين فيما تخبرون به من أسمائهم كقولك: أخبرني بما في يدي إن كنت صادقًا، عن أبي علي والأخفش.

  ومتى قيل: أنبئوني أمر على الحقيقة أم لا؟

  قلنا: قيل: أمر مشروط، وقيل: معناه التنبيه، كل عالم يقول للمتعلم أخبرني بهذا، وهو يعلم أنه جاهل به لتنبيهه عليه ولشوقه إلى البحث وطلب العلم به، وليس بأمر ولا تكليف، وإنما هو تَحَدٍّ وتعجيز، عن أبي علي. وقد قال بعضهم: «إِنْ كُنْتُمْ» معناها إذ كنتم، وهذا لا يصح؛ لأنه لو كان كذلك لكانت (إِنْ) منصوبة الألف، إنما معناها: إن كنتم محقّين صادقين فأخبروا، قاله الكسائي وجماعة من النحويين.

  · الأحكام: الآية تدل على تفضيل آدم وما خصه اللَّه تعالى به من العلم، وتدل على كونه نبيًّا؛ لأن ذلك يتضمن نقض عادة الملائكة، فإذا ثبت ذلك فلا بد أن يكون مبعوثًا إلى أمة فيجوز أن يكون مبعوثًا إلى ذريته، ويجوز أن يكون مبعوثًا إلى من توجه التحدي إليهم من الملائكة، وإن كانوا رسل اللَّه؛ إذ لا يتنافى كون واحد مرسلاً إليه ورسولاً كما في الأنبياء.