التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا 15 واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما 16}

صفحة 1491 - الجزء 2

  و «اللذان» واحدها «الذي»، وهي كناية للمذكر.

  يقال: آذيت فلانًا عَيبْتُهُ، ومنه: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ}.

  · المعنى: لما بين تعالى حكم النساء والرجال في باب النكاح والمهر والميراث بيّن حكم الحدود فيمن تعاطى خلاف الشرع، فقال تعالى: «وَاللَّاِتِي» يعني النساء «يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ» يعني يَزْنِينَ مع الرجال عن جماعة أهل التفسير، وقيل: المراد به السحاقات عن أبي مسلم «مِنْ نِسَائِكُمْ» قيل: من حرائركم، وهو فائدة الإضافة، وقيل: أراد المزوجات وهو حقيقة الإضافة، وقيل: المحصنات دون الأبكار عن السدي «فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيهِنَّ أَرْبَعَه مِنْكمْ» أي من المسلمين فإن الشهادة في الزنا ينبغي أن يكون أربعة رجال مسلمين «فَإِنْ شَهِدُوا» يعني الأربعة «فَأمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ» يعني فاحبسوهن «حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ» أي يدركهن الموت فَيَمُتْنَ في البيوت «أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً» أي طريقًا يسقط الحبس، وقيل: السبيل هو الحد في البكر مائة جلدة، وفي الثيب الرجم عن ابن عباس، وقيل: السبيل للثيب الخلاص ثم الرمي بالحجارة، وللبكر الجلد ثم نفي سنة عن الحسن وقتادة ورواه الحسن مرفوعًا قال أبو القاسم: وأكثر العلماء على أنها منسوخة، قال أبو علي: نفي البكر يجوز أن يكون على طريق اجتهاد الإمام. وقيل: حتى يجعل اللَّه لهن سبيلاً بالتزويج، فيستغنى بالحلال عن الحرام عن أبي مسلم «وَاللَّذَانِ» قيل: المراد به الرجل والمرأة عن الحسن وعطاء، وإذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب المذكر على المؤنث، وقيل: المراد به البِكْران من الرجال والنساء عن السدي وابن زيد، وقيل: هما رجلان يزنيان عن مجاهد، وقيل: في اللواط عن أبي مسلم «يَأْتِيَانِهَا» يعني يأتيان الفاحشة «فَآذُوهُمَا» قيل: التعيير باللسان والضرب بالنعال عن ابن عباس، وقيل: التعيير والتوبيخ عن قتادة والسدي ومجاهد، يقال له: أما استحييت؟ أما خفت اللَّه زنيت وهتكت حرمة اللَّه؟ وتُرَدُّ شهادتهما ولا يوثق بهما، ويساء القول فيهما «فَإِنْ تَابَا» أي رجعا من الفاحشة «وَأَصْلَحَا» العمل فيما بعد «فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا» أي اصفحوا؛ أي وكفوا عن أذاهما «إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا» أي