قوله تعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما 17 وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما 18}
  توبته» وقيل: إلى الذنب يعني لا يصرون على الذنب كقوله: {وَلم يُصِرُّوا} «فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّه عَلَيهِمْ» يقبل توبتهم «وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا حَكِيمًا» فيغفر للتائب بتوبته وبرحمته فيدخل جنته «وَلَيسَتِ التَّوْبَةُ» يعني التوبة المقبولة التي تنفع صاحبها «لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ» المعاصي، وهم عصاة أهل الصلاة عند أكثر أهل العلم، وعن الربيع أنهم المنافقون «حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ» يعني أسباب الموت من معاينة ملك الموت والعلم به ضرورة «قَال إِنِّي تُبْتُ الآنَ» ندمت الآن، وهي حال الإلجاء «وَلاَ الَّذِينَ» يعني لا تقبل توبة الَّذِينَ «يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ» ثم يندمون بعد الموت «أُولَئِكَ» يعني من تقدم ذكره في هذه الآية «أَعْتَدْنَا لَهُمْ» هيأنا «عَذَابًا أَلِيمًا» موجعًا.
  · الأحكام: تدل الآية أن من شرط التوبة بقاء التكليف؛ ليكون للمكلف طريقًا إلى الخلاص، وإذا عاين زوال التكليف لم تصح التوبة.
  وتدل على أنه لو صح لما دخل أحد النار.
  وتدل على أن التوبة من العبد، وأنه يقبل التوبة وهو تواب، فمن جهة العبد الندم وهو غم وأسف، وذلك لا يجوز على اللَّه، ومن جهته قبول التوبة، ويجوز أن يقال: إنه تواب أي يتوب على عباده بالأمر بها واللطف في فعلها.
  وتدل على أنه لا بد أن يندم لقبحها لا لوجه آخر؛ لأنه عند الإلجاء لَمَّا كان لوجه آخر لم تقبل، كذلك سائر الوجوه.
  وتدل على وعيد أهل الصلاة؛ لأن الكلام عام ولأنه عطف عليه الكفار.
  وتدل على وجوب المبادرة للتوبة من حيث لا يأمن كُلَّ وقت فوتها.
  وتدل على قبول توبة القاتل لعمومه، ولأن الكفر أعظم من القتل.
  وتدل على أن المحتضر لا تقبل توبته، وهو قول جماعة من أهل العلم عن ابن عباس وابن عمر وإبراهيم وغيرهم، وقال الربيع: نسخت هذه الآية بقوله: {إِنَّ اللَّهَ