قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا 19}
  الثاني: أنه خطاب للوارث بترك المنع من التزويج، كما كان يفعله أهل الجاهلية عن الحسن.
  الثالث: أنه خطاب للولي ألا يمنعها من النكاح عن مجاهد.
  الرابع: أنه خطاب لهما للولي والزوج، وقيل: هو في المطَلِّق يمنعها من التزويج، كما كانت قريش تفعل ذلك في الجاهلية عن ابن زيد.
  «إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ» يفعلن «بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ» ظاهرة، قيل: الزنا عن الحسن وأبي قلابة والسدي؛ يعني إذا اطلع منها على زنية فله أخذ الفدية، وقيل: هو النشوز عن ابن عباس وقتادة والضحاك، وقيل: إذا كان النشوز وسوء العشرة من جهته فلا يحل أخذ الفدية، وإن كان من جهتها جاز، واختلفوا في «إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ» أنه استثناء من ماذا؟
  فقيل: من أخذ المال عن أكثر المفسرين، وقيل: كان هذا قبل الحدود، والأخذ منهن كان عقوبة لهن ثم نسخ، حكاه الأصم، وقيل: من الحبس والإمساك على ما تقدم في قوله: «فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ» عن أبي علي وأبي مسلم، إلا أن أبا علي قال: هو منسوخ، وأبى أبو مسلم النسخ «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» يعني صاحبوا نساءكم بالمعروف، قيل: بالنصفة في القسم والنفقة والإجمال في القول والفعل، وقيل: المعروف ألا يضر بها ولا يسيء القول فيها ولا يطلقها ويكون منبسط الوجه معها، وقيل: هو أن يتصنع لها كما تتصنع له «فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ» يعني فإن كرهتم صحبتهن وإمساكهن «فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيئًا وَيَجْعَلَ اللَّه فِيهِ خَيرًا كثِيرًا» يعني عسى أن تكرهوا صحبتهن ويجعل اللَّه لكم في إمساكهن خيرًا كثيرًا، وقيل: عسى أن يجعل في الكره الذي تكرهون خيرًا كثيرًا، وقيل: لعل في فراقكم لهن خيرًا كثيرًا لكم ولهن عن الأصم، ونظيره: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} قال القاضي: وهذا يبعد؛ لأنه تعالى حث بما ذكر على الاستمرار على الصحبة فكيف يريد بذلك المفارقة؟! وقيل: فيه إضمار أي فإن كرهتموهن فعاشروهن بالمعروف، فعسى تكون