التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا 19}

صفحة 1498 - الجزء 2

  وهو قيس بن أبي قيس فورث نكاحها، ثم تركها فلم يقربها، ولم ينفق عليها يضارها لتفتدي منه بمالها، فجاءت إلى رسول اللَّه ÷ وقالت: مات أبو قيس، وورث نكاحي ابنه، وقد أضر بي، فلا ينفق علي، ولا يدخل بي، ولا يخلي سبيلي، فلا أنا ورثت زوجي ولا تركت فأنكح، فنزلت الآية عن مقاتل.

  وقيل: نزلت في اليتيمة في حجر وليها، فيتزوجها لمالها، ويتوقع وفاتها ليرثها، وهو معتزل لفراشها عن الضحاك.

  وقيل: هو في الرجل يكون تحته المرأة يكره صحبتها ولها عليه مهر، فيطول عليها ويضار بها لتفتدي بالمهر، فنهوا عن ذلك، ونزلت الآية عن ابن عباس.

  وقيل: نزلت في الرجل يحبس المرأة من غير حاجة إليها إلى أن تموت فيرثها عن الزهري وأبي علي.

  · المعنى: لما نهى اللَّه تعالى في الآيات المتقدمة عن عادات أهل الجاهلية في أمر اليتامى والأموال عقبه بالنهي عن استعمال عاداتهم في أمر النساء، فقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» صدقوا؛ يعني أيها المؤمنون «لاَ يَحِلُّ لَكُمْ» أي لا يسعكم في دينكم «أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءِ» قيل كان يرث نكاحها من غير عقد مجدد، وقيل: بل كان الاختيار إليهم إن شاء تزوجها وإن شاء زوجها من غيره، وجميعه منهي عنه «كَرْهًا» قيل: ترثوا نكاحهن على كره منها عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقيل: ترثوا مالها بحبسها من غير حاجة إليها عن أبي علي والزهري، يعني ليس لكم أن تحبسوهن على كره منهن طمعا في إرثهن، وقيل: أن يسيء صحبتها لتفتدي بمالها، وبما ساق إليها من مهرها أو تموت فيرثها «وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ» لا تحبسوهن ولا تمنعوهن، وفيه أربعة أقوال:

  الأول: أنه خطاب للأزواج وأمر لهم بتخلية سبيلهن إذا لم يكن إليهن حاجة، فلا يمسكها ضرارًا حتى تفتدي ببعض مالها عن ابن عباس وقتادة والسدي والضحاك، وقيل: أن يلجئها سوء العشرة إلى الخلع.