قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31}
  وتدل على أنه أشكل على الملائكة أمر حالها فيما عرض عليهم من الأسماء وجملة إشكالهم لا يخلو من وجوه:
  إما أن يرجع الإشكال إلى التمكين والتخلية، فتقول: ما وجه الحكمة في خلق من يفسد وتمكينه من الفساد؟ فأجابهم اللَّه تعالى بأن المصالح تتعلق بالتمكين والتخلية، فإذا أمكن المكلف فاختار الفساد رجع الذم إلى سوء اختيارهم لا إلى التمكين.
  وثانيها: أن يكون إشكالهم في اختيار الإنس عليهم بإسكان الأرض مع فضلهم في العلم والعمل، فأجاب بأن المصالح تنقسم إلى علوم الدين وعلوم الدنيا، والإنس يجمعون بين العِلْمَيْن، وعلم آدم ذلك ليعلموا أن هاهنا مصالح لا يصلح لها إلا الإنس، وأنهم أصلح لتدبير الأرض، وأن الملائكة لا يصلحون لتدبير الأرض وعمارتها كما يصلحون للعبادة.
  وثالثها: أن يكون قولهم على وجه العيب لمن يخلقه تعالى ممن يفسد لكيلا يسكنوا الأرض ويسكنوا بدلهم فأجاب تعالى بأن الاعتبار بالمصالح في فعله تعالى دون ما يختار المفسد؛ لأنه يزجرهم عن القبيح بما ركب في عقولهم، وبما يبعث اللَّه إليهم من الرسل، وينزل من الكتب.
  ورابعها: أن يكونوا أرادوا بيان فضلهم في معرفتهم بالتوحيد بأن فيهم من يوحد اللَّه تعالى ويسبحه، ويزيدون عليهم في العلم بمصالح الدنيا، ومن يختار الكفر فإنما أُتي من قبل نفسه.
  وخامسها: أن يكون إشكالهم أنه هل يميزهم أم لا؟ فأجاب أنه يميزهم في الدنيا بالأسماء والأحكام، وفي الآخرة بالثواب والعقاب، ثم عرض الأسماء ليعلموا ذلك.
  ومتى قيل: إذا جاز أن يقال: علّم فهل يجوز أن يقال: معلم؟
  قلنا: لا، وإن كان المعنى صحيحًا؛ لأنه في العرف اسم لبعض الحرف.