التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما 23}

صفحة 1512 - الجزء 2

  وثالثها: كيفية اللبن إن كان صرفًا وإن اختلط بغيره والغالب اللبن حَرام، فإن اتخذ منه جبنًا لا يحرم، وإن اختلط لبن امرأتين أوجب التحريم فيهما، واختلفوا في لبن الميت، فعند أبي حنيفة يحرم، وعند الشافعي لا يحرم.

  ورابعها: ما يحرم بالرضاع، وقد بينا أن كل ما يحرم بالنسب يحرم بالرضاع، وقيل: كل شخصين اجتمعا على ثدي معًا أو مفترقين فهما أخوان، وتفصيل هذه المسائل يكثر.

  ومنها: أم المرأة والربيبة، فالعلماء كلهم على أن تحريم أم المرأة مبهم، وفي الربيبة مشروط بالدخول، وقد ذكرنا الخلاف فيه، وما روي عن الصحابة. ويدل قوله: «اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ» على أن الزنا بالأم يحرم الربيبة، هكذا استدل به علي بن موسى القمي، والمروي عن جماعة أن الزنا يوجب حرمة المصاهرة، منهم عمران بن حصين والحسن وعطاء وسعيد بن المسيب، وروي عن ابن عباس لا يحرم إلا الحلال، فأما الوطء بالشبهة وفي النكاح الفاسد فيحرم بالاتفاق، واللمس بالشهوة يحرم عند أكثر العلماء، وعن ابن شبرمة أنه لا يحرم.

  ومنها: الجمع بين الأختين فلا خلاف أن الجمع بينهما في عقد النكاح محرم، واختلفوا في الجمع بينهما بملك اليمين فالأكثر على أنه محرم، وهو المروي عن علي #، وروي عن عثمان ما يدل على أنه كالمتوقف فيه؛ لأنه قال: أحلتها آية وحرمتها آية، وأرى التحليل أولى، وكان علي # يقول: التحريم أولى، وذكر علي بن موسى القمي عن عمر وعلي وابن مسعود وعمار التحريم والتشديد فيه، واختلفوا في الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها وابنة أختها وابنة أخيها فالفقهاء بأسرهم على التحريم، وعن بعضهم أنه يحل، ومن قال بالتحريم اختلفوا، فقيل: الحرمة مستفادة بالآية؛ لأن المعنى في الأختين أنهما شخصان لوْ ذُكِّرَتْ إحداهما وأنثت الأخرى حرم النكاح بينهما من الطرفين، وهذا موجود في مسألتنا، ولأن صلة الرحم فيهما واجب، والجمع يؤدي إلى قطيعة الرحم، وهذا موجود في العمة والخالة،