التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما 24}

صفحة 1514 - الجزء 2

  «وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ» والإسلام نحو: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} وبالعفة نحو: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}

  والحرية نحو: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} ويُقال: أحصن الرجل امرأته إحصانًا، وحَصُنَتْ هي تَحْصُنُ حصانة إذا عفت وأحصنت فرجها من الفجور فهي مُحْصَنَة، ومنه: {وَالَّتِي أَحصنتْ فَرجها}.

  والسفح: صب الماء، ومنه سفح الدمع إذا صبه، وسفح الجبل أسفله؛ لأنه مصب الماء منه، وسافح إذا زنى؛ لصب الماء باطلاً، وقيل: لأن قصد صب الماء للشهوة.

  والاستمتاع: نيل الحاجة وقضاء الوطر، وقيل: الانتفاع بالشيء عن أبي علي.

  والأجرة في الإجارة كالثمن في البيع، وهو العوض عنه، وسمي المهر أجرة؛ لأنه عوض عن الاستمتاع، واختلفوا فقيل: إنه عوض عن البضع، وقيل: عن الحِلِّ، وقيل: عن الاستمتاع.

  · الإعراب: «كتابَ» نصب على المصدر تقديره: كتب عليكم كتابًا، وقيل: إنه مصدر جرى على غير فعله كأنه قيل: حرم ذلك عليكم كتابًا من اللَّه عليكم، وتقديره: صنع اللَّه، وقيل: نصب على الإغراء؛ أي عليكم كتاب اللَّه، أو الزموا واتبعوا فحذف العامل، فأما من رفع فعلى الابتداء، وأما على قراءة من قرأ «وأَحَلَّ» بنصب الهمزة محله نصب، كأنه قيل: وأحل لكم شيئًا، ومن رفع الهمزة فمحل (ما) رَفْعٌ؛ لأنه اسم ما لم يسم فاعله.

  «أن تبتغوا» (أنْ) بدل من (ما) فمحله: بمنزلة (ما) في الموضعين على ما ذكرنا، قال الكسائي والفراء: (أنْ) في محل النصب في القراءتين بنزع الخافضة بمعنى لأَنْ تبتغوا. والبصريون يقولون: بحذف اللام.

  «مُحْصِنِينَ غَيرَ مُسَافِحِينَ» نصب على الحال أي في حال الإحصان لا في حال المسافحة.