التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم 25}

صفحة 1524 - الجزء 2

  من قال: إنه ليس بشرط ويجوز نكاح الأمة الكتابية، وهو قول أبي حنيفة؛ لأنه يحل وطؤها بملك اليمين، وكذلك بالنكاح كالأمة المسلمة وعكسه الوثنية.

  ورابعها: قوله: «وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإيمَانِكُمْ» تنبيه على المعتبر في ذلك الظاهر، دون حقيقة الإيمان، فيدل على أن الأحكام تتعلق بما يظهر.

  وخامسها: قوله: «بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ» يدل على أن نكاح الأمة يشترط فيه إذن المالك، وفيه إجماع على أنها إذا كانت لامرأة يجوز لها أن تزوجها خلاف ما يقوله الشافعي.

  وسادسها: قوله: «وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» استدل إسماعيل بن إسحاق بذلك على أن الأمة تملك المهر، لأنه أضاف إليها وأمر بالأداء إليها، والعلماء على أن المهر ملك المولى، وإنما أضيف إليها؛ لأنه بدل عن بعضها لا عن بضعها.

  وسابعها: قوله: «فَإِذَا أُحْصِنَّ» فمنهم من حمله على التزويج، ومنهم من حمله على الإسلام، وقالوا: الأمة إذا زنت ولا تزويج ولا إسلام لا تحد، ومنهم من قال: تحد بدليل لا بظاهر الآية.

  وثامنها: قوله: «فَعَلَيهِنَّ نِصْفُ» يدل على أن حد الأمة نصف حد الحرة، وتدل على أن الزنا من الكبائر، وأن حدها عذاب، فيدل على أن الزاني يستحق العذاب خلاف قول المرجئة، ولا خلاف أن الإمام يقيم الحد عليها، واختلفوا في السيد، فقال أبو حنيفة: لا يجوز له ذلك، وقال الشافعي: له ذلك.

  وتاسعها: العنت، فمنهم من شرط في جواز نكاح الإماء خوف العنت، ومنهم من يحمله على الندب، وقيل: إنه تعالى نسخ بهذه الآية ما كان عليه أهل الجاهلية في نكاح الإماء.

  وعاشرها: دلالة الآية على الْمُجْبِرَة في المخلوق، وهو قوله: «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ» «وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» «وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيرٌ لَكُمْ» ويدل قوله: «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ» على بطلان قولهم في الاستطاعة.