قوله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم 25}
  · الأحكام: تدل الآية على جواز نكاح الإماء، ولا خلاف فيه، وإنما اختلفوا في مواضع متى يجوز؟ وكم العدد الجائز؟ واختلفوا في مواضع من الآية تشير إلى ذلك:
  أولها: ما الطَّوْل؟ فمنهم من قال: المراد به المال، ومنهم من قال: المراد به كون الحرة في حباله على ما بينا، ومن قال بالأول اختلفوا، فمنهم من قال: لا يجوز نكاح الأمة مع القدرة على مهر الحرة، وهو قول الشافعي، وروي نحوه عن ابن عباس وجابر، ومنهم من قال: لا يجوز إلا بشرطين، وهو الطول وخوف العنت عن الحسن وقتادة، ومنهم من قال: يجوز النكاح على كل حال، إلا أن المندوب ألا يتزوج بها؛ لأنه يؤدي إلى إرقاق ولده، وهو مذهب أهل العراق، وقالوا: القدرة على المحرم لا تحرم، واتفقوا إذا كان تحته حرة لا يجوز نكاح الأمة، ثم اختلفوا في نكاح الحرة على الأمة، وروى إسماعيل بن إسحاق بن مسروق أنه طلاق الأمة، والفقهاء على أنه ليس بطلاق، وهو قول علي، وروي أنه قال: يجوز نكاح الحرة على الأمة وللحرة الثلثان من القسم، وللأمة الثلث.
  وثانيها: قوله: «أَنْ يَنكِحَ» من حمل الطول على المال حمله على التزويج والعقد، ومن حمله على ألا يجد الاستغناء بالتعفف بالحرة ووطئها، فمنهم من يحمله على الوطء، ومنهم من يحمله على العقد لكنه يحمله على الندب، والأكثر على أن المراد به التزويج.
  وثالثها: قوله: «الْمُؤْمِنَاتِ» فلا خلاف أن المراد بالمحصنات الحرائر والمؤمنات أراد ظاهر الإيمان، ثم اختلفوا، فمنهم من قال: الإيمان شرط حتى لو قدر على طول حرة كتابية ولم يقدر على طول حرة مسلمة يجوز أن يتزوج بالكتابية، قال: وهو قول أبي حنيفة؛ لأنه يحل وطؤها بملك اليمين، وكذلك بالنكاح كالأمة المسلمة، ومنهم من قال: إن ذلك ليس بشرط، وإنما هو ندب واستحباب؛ لأن المهور لا تختلف بذلك، وكذلك اختلفوا في قوله: «فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ» أنه شرط أم لا. فقيل: شرط عن ابن عباس والحسن وهو مذهب الشافعي، فلا يجوز عنده تزويج الأمة الكتابية، ومنهم