قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما 29 ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا 30}
  وقيل: لما بين المحرمات والمعاصي نهى أن ينفقوا أموالهم في وجوه المعاصي؛ لأنه أكل بباطل، وأباح الأكل بالشراء والتراضي.
  وقيل: لما بين المواريث والمهور والهبات والصدقات على ما تقدم في هذه السورة عقب ذلك بتحريم أخذ الأموال من غير الوجوه المبينة.
  وقيل: لما بين حكم الأموال وشرط في النكاح الابتغاء بالأموال أوصاهم في باب الأموال؛ لأنه من مصالحهم وبه قوام دينهم ودنياهم.
  · النزول: قيل: لما نزلت هذه الآية امتنع الناس عن الضيافات حتى نزلت الآية في سورة النور: {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا} الآية عن الحسن.
  · المعنى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» صدقوا اللَّه ورسوله «لاَ تأكلُوا» منع من الأكل، والمراد سائر التصرفات، وإنما خص الأكل فيه لأنه معظم المنافع، وقيل: لأنه يطلق على وجوه النفقات اسم الأكل يقولون: أكل ماله بالباطل وإن أنفقه في غير الأكل، عُرْف معتاد لهم «أَمْوَالَكُمْ» قيل: لا يأكل بعضكم أموال بعض، وقيل: أموال أنفسكم وغيركم «بِالْبَاطِلِ» قيل: بالزنا والقمار والخمر والظلم عن السدي، وقيل: بغير استحقاق من طريق العوض، ثم نسخ بآية سورة النور عن الحسن، وقيل: هو أخذه من غير وجهه، وصرفه فيما لا يحل، وقيل: إنفاقه في المعاصي عن أبي علي «إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً» مبايعة، ثم وصف التجارة فقال: «عَنْ تَرَاضٍ» يعني يرضى كل واحد منهما بذلك، وفيه قولان: أحدهما: إمضاء البيع بالتفرق بالأبدان، أو بالتحايز بعد العقد عن شريح وابن سيرين، والشعبي، ورووا: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا»، وقيل: إمضاء البيع بالعقد فقط عن مالك وأبي حنيفة اعتبارًا بعقد النكاح، وتأولوا الخبر على التفرق بعقد البيع عن الأقوال؛ لأنه بالإيجاب مخير، فإذا أوجب قيل: تم، وهو في القبول مخير، فإذا أوجب قيل: تم «وَلاَ تَقتلُوا أَنفُسَكمْ» قيل: لا يقتل بعضكم بعضًا، كقوله: