التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا 36}

صفحة 1551 - الجزء 2

  لعدوله إلى ناحيته في مسكنه، والجَوْرُ: الظلم؛ لأنه عدول عن الحق، ومنه استجار بِاللَّهِ من النار أي سَأَلهُ العدول به عنها.

  وأصل الجنب التنحية، يقال: جنبت فلانًا عن كذا فتجنب، أي نحيته فتنحى، ومنه: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ} والجار الجنب الأجنبي لتنحيه عن القرابة بالبعد منها.

  والمختال: أصله التخيل وهو التصور، فالمختال لأنه يتخيل بخياله مزح النظر، ومنه الخيال؛ لأنه يتخيل به صاحبه، وهو مُفْتَعِل من خال يخال، ومنه قول الشاعر:

  وإِنْ كُنْتَ لْلِخَالِ فَاذْهَبْ فَخُلْ

  والفخور هو: المعدد للمنافع كبرًا وتطاولاً، وهو من الفخر، والذي يعددها اعترافًا بالنعمة هو: شكُور.

  · الإعراب: «إحسانًا»: قيل: نصب على المصدر تقديره: أحسنوا إحسانًا كقولك: جَرْبًا لزيد، وقيل: تقديره استوصوا بالوالدين إحسانًا؛ لأن قوله: «واعبدوا» بمنزلة استوصوا بعبادة اللَّه تعالى.

  «وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكمْ» محله جر بالعطف على ما قبله.

  · النظم: وفي اتصال الآية بما قبلها وجوه: قيل: لما أمر اللَّه بمكارم الأخلاق في اليتامى والمواريث وأمر النساء، أمرهم بهذه الخصال ليكون الوعظ شاملاً لمكارم الأخلاق ومعالي الأمور، وقيل: لما بين العشرة في باب الزوجين مصلحة للدنيا عطف عليه بهذه الخصال مصلحة للدين والدنيا، وقيل: لما أمر بالإحسان إلى الزوجات التي