التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا 36}

صفحة 1552 - الجزء 2

  بينهما سبب عقبه بالإحسان إلى من هو أولى فبدأ بعبادته؛ لأنه الخالق المنعم، ثم بالوالدين؛ لأنهما سبب كونه والمنعم عليه وإليهما تربيته، ثم بالقربى؛ لأنه أخص من غيره، ثم بالجار القريب، ثم بالجار الجنب، ثم بابن السبيل، فبدأ بالأهم فالأهم.

  · المعنى: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ» أي عظموه غاية التعظيم، ووحدوه بالربوبية، فالعبادة لا تجوز لغيره؛ لأن استحقاقه بفعل أصول النعم والقدرة عليها وهو المتفرد بذلك «وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا» يعني لا تجعلوا له شريكًا في عبادتكم، كأنه قيل: وحدوا اللَّه بالعبادة مخلصين له «وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحسانا» أي أحسنوا إلى الوالدين بالتعظيم والتوقير وحسن العشرة والإنفاق عليهما وحسن المصاحبة «وَبِذِي الْقُرْبَى» أي أحسنوا إلى أقربائكم بصلة الرحم، والبر بهم والنفقة لمن يجب، والإرث لمن يرث، والوصية لمن لا يرث «وَالْيَتَامَى» أي أحسنوا إلى اليتامى بالبر وفعل ما هو أصلح لهم، وألا يقرب من مالهم إلا بالتي هي أحسن، واليتيم من لا أب له «وَالْمَسَاكِينِ» هم الفقراء الَّذِينَ لا شيء لهم، أمر بالإحسان إليهم بالزكوات والصدقات وغيرهما «وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى» أي: أحسنوا إلى الجيران الَّذِينَ هم أقرباؤكم في النسب، وقيل: الملاصق لداركم، والجنب مَنْ بَيْنَ داركم وداره دُورٌ، «وَالْجارِ الْجُنُبِ» قيل: القريب عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد قالوا: الجار ذي القربى القريب في النسب، وعن النبي ÷ «الجيران ثلاثة: جار له ثلاثة حقوق: حق الجوار، وحق القرابة، وحق الإسلام. وجار له حقان: حق الجوار، وحق الإسلام. وجار له حق الجوار: المشرك من أهل الكتاب» والجنب قيل: البعيد منك نسبًا، وقيل: البعيد منك دارًا، والإحسان إليهم بالمواساة والنصرة وحسن العشرة، وكف الأذى عنهم «وَالصاحب بِالْجَنْبِ» أي أحسنوا إليه قيل: هو الرفيق في السفر عن ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد وقتادة والسدي والضحاك والأصم، والإحسان إليه بالمواساة وحسن العشرة، وقيل: هو الزوجة عن عبد اللَّه وابن أبي ليلى. وإبراهيم، والإحسان إليه حسن العشرة وإيتاء ما