قوله تعالى: {والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا 38}
  · الأحكام: تدل الآية على أن من آتاه اللَّه نعمة فإنه يجب عليه القيام بحقوق كثيرة نحو الزكوات والنفقات، ومتى قام بها لم يستحق الوعيد، ولم يقع عليه اسم البخل، ومتى أخل بها وصف بالبخل، واستحق وعيد البخلاء، والأولى حمله على الواجب؛ لأن غير الواجب لا يستحق الذم بتركه.
  وتدل على أن إظهار نعم اللَّه واجب، وإظهاره يكون بالشكر والاعتراف، وأن يرى أثره عليه في الإنفاق، وحمله الأصم على كتمان النبوة وعلى اليهود، وأيد ذلك بقوله: «وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ» إلا أنه خلاف الظاهر، والظاهر أنه في منع حقوق المال على ما حمله شيخنا أبو علي وأبو القاسم.
  وتدل على أن كتمان نعم اللَّه وكتمان الحق من الكبائر، ثم ينقسم قد يكون كفرًا وقد يكون فسقًا.
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا ٣٨}
  · اللغة: الإنفاق: إخراج. المال إلى من ينفقه عليه، والرئاء أن يُظهِر خلاف ما يبطن، ومنه: {يُرَآءُونَ النَّاسَ} وأصله من الرؤية، وهمزت همزتين لأن الهمزة الأولى من الأصل، وهو عين الفعل تقول: رأيت فالعين مهموزة، والهمزة الثانية التي بعد الألف همزة بدل من الياء التي هي لام الفعل، تقول: رأيت، غلام الفعل هي الياء فلما وقعت لام الفعل بعد الألف أبدلت مكانها همزة.
  والقرين: فَعِيل من الأقران، ومنه المقرِن، وهو أهل العصر من الناس لاقترانهم، ومنه: القِرن المقاوم في الحرب، ومنه: {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} أي مطيقين.
  · الإعراب: «والَّذِينَ» محله نصب عطفًا على قوله: «الَّذِينَ يبخلون»، وقيل: محله خفض عطفًا على قوله: «للكافرين» كأنه قيل: أعتدنا للكافرين الَّذِينَ ينفقون.