التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما 39 إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما 40}

صفحة 1558 - الجزء 2

  · الأحكام: تدل الآية على ذم من أنفق ماله رئاء وسمعة أو في معصية، وتدل على أن من اتبع الشيطان وقَبِلَ قوله فهو قرينه، وتدل على أن كل من اتبع مبتدعًا فإنه يكون قرينه، وتدل على أن الشيطان يقرن بمن اتبعه في النار.

  ويقال: هل يمكن الإنسان الانفكاك من مقارنة الشيطان؟

  قلنا: مَنْ حَمَله على الدنيا أمكنه، بأن يخالفه ولا يتبعه ويستعيذ بِاللَّهِ منه، ومن حمله على الآخرة قال: لا يمكنه؛ لأنه يقرن به تعذيبًا له فلا يمكنه دفعه.

قوله تعالى: {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا ٣٩ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ٤٠}

  · القراءة: قرأ أبو جعفر ونافع وابن كثير «حَسَنَةً» بالرفع، والباقون بالنصب، فالنصب على أنه خبر (كان)، تقديره: وإن يكن فعله حسنة أو يكن زِنَةُ الذرة حسنة، والرفع على أنه اسم (كان)، ولا خبر لها حينئذ، وتقديره: وإنْ وقع حسنة أو حديث حسنة، وقرأ ابن كثير وابن عامر «يُضَعِّفْها» بالتشديد من غير ألف من التضعيف، والباقون «يُضَاعِفْها» بالألف والتخفيف من المضاعفة.

  · اللغة: الظلم في اللغة: أصله الانتقاص من قوله: {وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} أي لم تنتقص، والظلم انتقاص الحق، ومنه الظلمة لانتقاص النور. والظلم: وضع الشيء في