التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما 39 إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما 40}

صفحة 1559 - الجزء 2

  غير موضعه لانتقاص حقه، وفي الشرع: هو الضرر القبيح الذي ليس بمستحق ولا فيه نفع ولا دفع ضرر، ولا يظن ذلك فيه.

  والمثقال: مقدار الشيء في الثقل، وأصله من الثقل، والثقيل: البطيء في العمل لثقله فيه، والثقل: ما ثقل من متاع السفر.

  والذَّرُّ: أصغر من النمل، وهو من ذَرَرْتُ الشيء أَذُرُّهُ ذَرًّا إذا بددته مسحوقًا.

  و «تَكُ» أصله من «كان يكونُ» سقطت الضمة للجزم، وسقطت الواو لسكونها وسكون النون، فأما سقوط النون من (يكن) فلكثرة الاستعمال، وجاء في القرآن بالحذف والإثبات قال تعالى {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيَرًا} فجاء على الأصل.

  وفي (لدن) أربع لغات: لدن بضم الدال وفتحها وسكونها، ولدنه عن الكسائي، فإذا أضافوه إلى أنفسهم شدد النون.

  · الإعراب: موضع (ماذا) من الإعراب فيه وجهان: قيل: رفع على أنه في موضع الذي، وتقديره: ما الذي عليهم؟ وقيل: لا موضع له؛ لأنه مع (ما) بمنزلة اسم واحد، وتقديره: أي شيء عليهم لو آمنوا.

  · المعنى: لما تقدم ذكر الكفار والمنافقين عقبه بالتوبيخ والتقريع لهم على تركهم الإيمان والإنفاق، فقال تعالى: «وَمَا ذَا عَلَيْهِمْ» يعني أي شيء عليهم «لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُوا» بعد إلزام الحجة عليهم، وقيل: فيه بيان لسوء اختيارهم، أي لو كانوا مؤمنين منفقين لكان خيرًا لهم، وقيل: فيه بيان أنه لا عذر لهم في ترك الإيمان والإنفاق في سبيل اللَّه، وقيل: ماذا عليهم لو جمعوا إلى إنفاقهم الإيمان لينفعهم الإنفاق، «بِاللَّهِ» أي بتوحيده وعدله «وَالْيَوْم الآخِرِ» أي بيوم القيامة والبعث «وَأَنفَقُوا مما رَزَقَهُمُ اللَّهُ» أعطاهم من النعم «وَكَانَ اللَّه بِهِمْ عَلِيمًا» أي لا ينفعهم الرياء مع علمه بسرائرهم فإنه يجازيهم بها، وقيل: عليم بأفعالهم يجازيهم بخيرها وشرها، فإذا علم المكلف ذلك وراجع نفسه وحاسب ما له وما عليه. علم أن الأنفع له طاعة ربه، قال الأصم: وهذا وعيد لهم، كقول الرجل لمن يوعده: أنا أعرفك وأعرف أفعالك «إِنَّ