قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا 43}
  حتى سمي الحدث غائط، قال محمد بن جرير: الغائط ما اتسع من الأودية، والفعل منه: غاط يَغُوط، مثل قعد يقعد، وتغوط: أتى الغائط.
  والتيمم: القصد، قال الشاعر:
  تيممت دارًا وَيمَّمْنَ دارا ... وأبن فلا غرو أن أستطارا
  وقال آخر:
  وَمَا أَدْرِي إِذا يَممتُ أَرْضًا ... أُرِيدُ الخَيْرَ أَيّهُما يَكونُ
  وقد صار في الشرع اسمًا لقصد مخصوص، وهو أن يقصد الصعيد ويستعمل التراب في أعضاء مخصوصة، وكذلك التأمم. والصعيد: أصله الصعود، وهو ما يصعد على وجه الأرض من ترابها من الإصعاد في الماء خلاف الانحدار، وقيل:
  الصعيد وجه الأرض.
  · الإعراب: «ولا جنبًا» نصب على الحال تقديره: ولا تقربوا الصلاة في حال الجنابة، و (أو) بمعنى الواو في قوله: «أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكم مِنَ الْغَائِطِ». «تعلموا» نصب ب «حتى» ولو كان رفعًا، لقال: تعلمون. و «عابري» أصله «عابرين» ذهبت الخون للإضافة.
  · النزول: قيل: أول الآية نزلت في ناس من الصحابة كانوا يشربون الخمر، ويشهدون الصلاة وهم سُكارَى، فلا يدرون كم صلوا، وما يقولون في صلاتهم، فنزلت الآية، فكانوا يجتنبون الخمر في أوقات صلاتهم حتى نزل تحريم الخمر في سورة المائدة.
  وقيل: نزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر، فاجتمع ناس في دار عبد الرحمن فشربوا، فصلى بهم فقرأ: أعبد ما تعبدون وأنتم عابدون ما أعبد، في {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فنزلت الآية، ذكره الأصم، وذكر أن عمر قال عند ذلك: اللَّهم إن الخمر تضر بالعقول والأموال فأنزل فيها أمرك، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية في المائدة.