قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا 43}
  وعن زيد بن حبيب أن رجالاً من الأنصار كانت أثوابهم في المسجد، فيصيبهم جنابة ولا ماء عندهم فيريدون الماء ولا يجدون ممرًا إلا في المسجد فنزل قوله: «إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ» الآية.
  وعن إبراهيم نزلت الآية في قوم من الصحابة أصابهم جراح.
  وعن عائشة أنها نزلت في قوم من الصحابة أعوزهم الماء في السفر، وروي عنها قالت: كنت في سفر مع رسول اللَّه ÷ فحل عقدي، فأخرت به رسول اللَّه ÷ فأمر بالتماسه فلم يوجد، فأناخ رسول اللَّه، وأناخ الناس، فباتوا ليلتهم تلك، فقال الناس: حبست عائشة الناس، وعاتبني أبو بكر، فلما أسفر الصبح لم يجد الناس الماء، فنزلت آية التيمم، ووجدنا العقد، فقال أسيد بن حضير: ما هذا بأول بركتكم يا آل أبي بكر.
  · النظم: يقال: كيف تتصل هذه الآية بما قبلها؟
  قلنا: قيل: متصل بقوله: «واعبدوا اللَّه» وكان من العبادة الصلاة، فبين شرائطها، ومنع منها في حال السكر والجنابة والحدث، وقيل: لما تقدم ذكر الأحكام في هذه السورة، ونقلهم عن أحكام الجاهلية إلى أحكام الإسلام وشرائعه كان من أحكام الجاهلية السكر وترك الغسل من الجنابة نقلهم عنها، وبين شرائع الإسلام لهم.
  · المعنى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنُوا» صدقوا اللَّه ورسوله، و (يا): نداء، و (أي): تنبيه، و (ها): إشارة، كأنه قيل: أنا ربكم أيها المؤمنون فاستمعوا «لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ» قيل: لا تصلوا وأنتم سكارى عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وابن زيد وأبي مسلم، وقيل: لا تقربوا مكان الصلاة وهو المساجد للصلاة وغيرها، كقوله: {وَصَلَوَاتِ} أي مواضع الصلاة عن عبد اللَّه وسعيد بن المسيب والضحاك وعكرمة وعطاء والنخعي والحسن «وَأَنْتُمْ سُكَارَى» قيل: نشاوى، وهو سكر الشراب عن ابن عباس ومجاهد