قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا 58}
  · الإعراب: «نعما» حرفان تقديره: نِعْمَ شيئًا نفعكم به، أو نعم وعظًا القرآن، وإنما كُتبتْ «نعما» موصولة؛ لأنها بمنزلة الكافة في «إنما وربما»، إلا أنها في «نعما» اسم يعود إليه الضمير في (به)، ولا يجوز إسكان العين مع الميم في نعما؛ لأنه جمع بين ساكنين، ولكن يجوز اختلاس الحركة غير إشباع، كالاختلاس في «يأمركم»، و «باريكم»، قال الزجاج: واجتماع الساكنين فيه ينكره جميع البصريين.
  · النزول: قيل: نزلت في ولاة الأمر، عن زيد بن أسلم ومكحول، وقيل: في أمراء السرايا، وقيل: نزلت في عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن شيبة حين قبض النبي ÷ منهم مفتاح البيت يوم الفتح، وأراد أن يدفعه إلى العباس؛ ليكون له الحجابة والسقاية، فنازعه شيبة بن عثمان، فنزلت الآية، فرد النبي ÷ إلى شيبة عن ابن عباس وابن جريج، وقيل: نزلت في اليهود وما وجدوه في كتابهم من صفة النبي، ÷.
  · النظم: يقال: كيف اتصال الآية بما قبلها؟
  قلنا: فيه وجوه: قيل: إنه يتصل بما حكى عنهم أنهم قالوا للمشركين: هَؤُلَاءِ أهدى، فأوعدهم على ذلك، ثم أخبرهم بأداء الأمانة وترك الكتمان في ذلك، وقيل: بل يتصل بما وعد اللَّه قبلها للمؤمنين فأمر عقيبه بأداء العبادات ليستحقوا ذلك، فالمراد بالأمانات العبادات، وقيل: لما بَيَّنَ أنه آتى آل إبراهيم الملك في أن النبوة والإمامة صارت أمانة في آله، وأن اللَّه أعطاهم ذلك، أمر عقيبه الولاة والحكام بأداء الأمانة فيما يلزمهم من حقوق العباد.